السودان اليوم:
من المعلوم بالضرورة أن ممارسة أي نشاط سياسي يحتاج لكيانات وأحزاب لضبط حركة واتجاهات هذه الممارسة السياسية.
فلا تتم ممارسة النشاط من خلال احتجاجات ومسيرات طول الوقت.
الاحتجاجات والمسيرات لا تعدو أن تحقق غرضها بإزالة ما هو قائم.
أما العمل السياسي فلا علاقة له بالهتافات وتنظيم المواكب.
تدخل هنا الجهات السياسية تلقائيا وبعضها يدخل دون جهد منها بسبب ما افترضته حالة الثورة التي تتيح للكل أن يظهر بضاعته مادام لم يشارك في النظام السابق وجاء يحتفي أيما احتفاء بالثورة ليجد نفسه في وسط الحلبة دون جهد منه.
فكلمة أن (الثورة سرقت) يحتوي على الكثير من الضبابية وعدم الدقة من جانبين:
الأول أن هناك أحزابا فرض وجودها التغيير فاتهامها بأنها سرقت الثورة يكبر من حجمها ولا يوضح حجم تأثيرها فكأننا بقولنا أنها سرقت الثورة نعطيها حجما أكبر من حجمها.
وطبعا هذه الأحزاب لا تنفي هذه التهمة منها على الأقل لتثبت أنها ذات ثقل ووزن وتخلق لنفسها حضورا واهتماما.
ومن دون قصد منا نعمل لها (شن ورن) وهي لا تساوي شيئا.
فعدم تقييم الأمور على حقيقتها جدا مضلل ويفضي إلى نتائج فاشلة
الثاني:
كلمة (سرقت الثورة) تبعدنا عن التحديات التي تواجه مرحلة ما بعد الثورة وتصبح كالشماعة نعلق عليها كل ما يردنا من تعثر وإخفاق.
ولا يجعلنا نواجه التحديات بصورتها الحقيقية فنفقد السيطرة على المواقف السياسية.
كما أن كلمة (سرقت) منطق العاجزين المتخاذلين لأنه حتى لو سرقت فهذا يدل على أنها غير آمنة وسهلة الاصطياد.
عدم سير الأمور على طبيعتها وكما ينبغي له عدة أسباب موضوعية وليست لها أي علاقة بالسرقة.
منها عنصر المفاجأة حينما وجدت الحكومة بوزرائها أمام كم هائل من القضايا التي لم ترد مرتبة أو أتت الواحدة تلو الأخرى.
وإنما أتت كلها جملة واحدة وبلا سابق معرفة ووسط تحديات داخلية ونظام سابق متهالك مصر على البقاء وتحديات ومطامع خارجية.
ومنها الإشكال الكبير بين المتميز علميا وأكاديميا وبين المتميز عمليا.
فليس كل صاحب شهادات له قدرة على الإدارة.
ولم تترك الإنقاذ مؤهلا واحدا في الإدارة.
كثير من الساسة هم في الاصل سماسرة محترفين في عمليات السلب والنهب دون أن يتركوا وراءهم دليل.
الميزة العظيمة هي أن هذه الثورة تمثل أملا لكل حادب على مصلحة العامة والوطن فكلما ظهر إخفاق وخلل حاول أن يعالجه وحاول أن يبحث عن حلول بعيدا من قول أن الثورة سرقت فهذا القول لا يقدم بل ويؤخر.
The post ثورة ديسمبر .. سرقة أم سد فراغ؟.. بقلم محجوب مدني محجوب appeared first on السودان اليوم.