الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
المجتمع السوداني زاخر بأمجاده وقيمه الفاضلة وينشد مغنونا ومطربونا يا أمة الأمجاد والماضي العريق . والآن توجد خلاطة كبيرة تقوم بعملية خلط ومزج للدماء بين السودانيين بمختلف إثنياتهم وولاياتهم ومناطقهم الجغرافية نتيجة طيبة للتزاوج والمصاهرات الكثيرة التي تؤدي للتماذج القومي ويلعب هذا الجانب الاجتماعي دوراً مهما في تقوية اللُحمة والوحدة الوطنية علي أساس واضح متين وأرضية صلبة .. وفي ماضينا بقع سوداء في ثوب الوطن الناصع البياض وتلك جاهلية تم تجاوزها وطي صفحتها والتاريخ البشري حافل بها ودول وأقطار كثيرة شهدت في بعض مراحل تاريخها تلك الممارسات وعلينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال والاعتراف بالخطأ فضيلة لتجنبه وتجاوز تلك الأخطاء والمضي نحو أفق مشرق مضئ .
وهناك عبارات يصعب عليًّ أن أنطقها بلساني أو اكتبها وأمتعض عند سماعها لإحساسي بأن فيها ظلماً فادحاً لشريحة من المجتمع كانت بكل أسف في الماضي موجودة ومظلومة ويؤكد هذا ما ورد بكثير من المصادر والكتب وأنقل أدناه ما أورده المؤلف جاى سبولدنق في كتابه عصر البطولة في سنار الذي عربه الأستاذ أحمد المعتصم الشيخ وورد في الفقرة الأخيرة بصفحة 77 من الكتاب الذي صدر عن السلطنة الزرقاء ( واستمر استخدام العبيد خدماً بالمنازل كمظهر لمجتمع الطبقة الوسطي ، وغالباً ما اشتمل صداق الزواج بين الأسر البرجوازية علي عبيد ، وفي المناطق ذات الاقتصاد الأكثر تطوراً في منتصف القرن الثامن عشر لا يمكن أن تقبل امرأة حرة الزواج إن لم تضمن أن منزلها سيضم خدماً يتولون عنها أعمال البيت مثل الطحين وجلب الحطب والماء ) وفي صفحة 178 من نفس الكتاب وردت الفقرة الآتية : ( وفضلاً عن الخدمة المنزلية استخدم العبيد في مزارع أسيادهم وبينما كان هذا الاستعمال للعبيد من قبل الطبقة الوسطي في دولة الفونج ضئيلاً للغاية ، إن قورن بعدد العبيد الذين يفرغهم النبلاء للزراعة . ونشأ عقب الغزو التركي في عام 1821م وعي بحقيقة أن الحصول علي عبيد للزراعة هو احدي الوسائل التي يستطيع العامل بواسطتها أن يطمح في الحصول علي وضعية أعلي وحرية أكبر في الحركة وفي تنويع المهن ) وبعض الرجال نسجوا الملابس من قطنهم وعملوا في المزارع أما الذين تمتعوا بقدر من الثراء فاستخدموا رقيقاً من الجنسين للعمل الأخير وفرغوا أنفسهم بالكامل للتجارة وكان هذا اكتشاف مريح تلاه العصر الذهبي لاستخدام العبيد في الزراعة ) … أما الملوك والطبقة الحاكمة فقد كان كل منهم يملك عدداً كبيراً من هؤلاء وبكل أسف كان يتم توريثهم كما تورث الممتلكات الأخرى بل كانوا يباعون أو يتم استبدالهم بين مالكيهم بالتراضي ولكن كان يوجد في المجتمع من اتسموا بالورع وكانوا علي خلق ودين فاعتقوا من كانوا في حوزتهم من هذه الشريحة المظلومة ومنحوهم حريتهم تقديراً لإنسانيتهم .
وفي كتاب طبقات ود ضيف الله وردت إشارات عديدة لهذه الفئة ووردت كذلك في كتاب تاريخ وجغرافية السودان لمؤلفه نعوم شقير وفي كتاب حياتي بأجزائه الثلاثة للشيخ بابكر بدري بل وردت إشارة لذلك في احدي مدائح حاج الماحي .. وتلك ممارسات جاهلية تخطاها الزمن وتؤكد كافة الدراسات الميدانية أن الوطن يشهد الآن عملية تصاهر وتزاوج وانصهار قومي واختلاط بين الدماء والمؤسف أن عهد الإنقاذ كانت من أكبر أخطائه استغلال القبلية في تكبير الكوم والاستثمار السياسي وبدلاً عن رتق النسيج الاجتماعي ساهموا في تمزيقه وعلي سبيل المثال شهدت دار فور الكبرى عبارات عنصرية بغيضة لأول مرة في تاريخها المجيد الطويل ( زرقة وعرب ) مع محاصصات قبلية في توزيع المواقع علي المستوي الاتحادي والولائي والمحلي وبكل أسف لا زالت هذه الممارسات تطل برأسها في المفاوضات وعند التنافس في توزيع المواقع التي نأمل أن يتم شغلها علي أساس الكفاءات والمؤهلات والخبرات مع مراعاة التوازن الجغرافي والجهوى لا القبلي والعنصري ودعوا الوطن يتقدم للأمام ولا يتقهقر للخلف بمثل تلك الممارسات الجاهلية البغيضة .
حفظ الله السودان الوطن العزيز الغالي وجعل المحبة بين بنيه وجمع شملهم ووحد كلمتهم ودعنا نردد بحبه والتعلق به أبيات من قصيدة أرض أجدادي للشاعر اللبناني فؤاد البعلبكي :ـ
عليكِ مني السلام يا أرض أجدادي
ففيكِ طــاب المقام وطــاب إنشادي
يــا قــــوم هذا الوطـن نفسي تناجيه
The post السودان: صديق البادي يكتب: المسكوت عنه في تاريخنا الاجتماعي appeared first on الانتباهة أون لاين.