السودان اليوم:
بالرغم ما بالنفس من حزنٍ وما بالروح من لواعج وما بالقلب من جراح، صدمنا صباح اليوم قرار الموافقة على البعثة الدولية الذي هو في حقيقته مجرد تبرير صرف وثراء لمئات موظفي الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإفقار لشعبنا ودس أنفهم في أمور نظرية نحن أقدر بكوادرنا وعلمائنا أن نفتيهم فيها وليس العكس.
ومن غائرات الشكوى ونحن نحدق في آلام شعبنا وهو يبحث في أنابيش الحياة عن الحد الأدنى في وسائل عيش الكفاف، نُفاجأ ببيان من تجمع المهنيين المزيف في نسخته الجديدة بعد استبعاد غرمائه، ظننا أنه سوف يمسح بمنديل الاعتراف والاستقالة عرق الرهق والمسغبة وخفوت الأمل من على جبين شعبنا المسحوق، إلا أن الصدمة كانت قاسية حين اكتشفنا أن ثلة مارقه تعد على أصابع اليد الواحدة قد أعلنت أن السودان القادم سودان الألف كادر قد هدد بأن سودان الاربعين مليون سوف يحكموا بالعلمانية التي لا تعترف بالثوابت، والتي تفصل الدين عن الدولة، وتلغي مشروعية الاسلام وزعامة المصطفى خارج دائرة التأثير. فجالت في النفس هذه الخاطرة الساخرة علها تسليني وتعزي الملايين من الحيارى.
1- كيف يحق للإسلاميين الحديث عن الاسلام وهم الذين سمحوا لحزبنا الذي يؤمن بالمادية، ويستبعد الغيب، ويكفروا بالرسالات أن يفتح داره ويصدر صحيفته ويمارس نشاطه العلني ويعقد مؤتمره العام في قاعة الصداقة أمام العالم؟
توقيع الحزب الشيوعي السوداني
2- كيف يحق لهم الحديث عن بطلان الرسالة الثانية، وابطال القرآن المدني، وسقوط التكاليف الشرعية عن الأصيل، ولم يستطيعوا طيلة عهدهم أن يعدموا جمهورياً واحداً أو يحاكموه بالردة؟
الناطق الرسمي للاخوان الجمهوريين
3- كيف يجوز لهم الحديث عن العدالة وهم يسمحون لنا بتطبيق وتنفيذ انقلاب رمضان الذي لم يكشفوه في لحظات الاعداد الأولى، حتى يتسنى لهم الحكم باعدامنا في لحظات التنفيذ الغليظ؟
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي – فرع بغداد
4 – كيف جاز لهم أن يتحدثوا عن الوحدة الجاذبة في الوقت الذي لم يقوموا فيه بأي محاولة بتزوير الانتخابات لصالح السودان الموحد حتى أعلن الجنوبيين قيام دولة الاماتونج؟
الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان
5- وكيف يجوز لهم أن يعلنوا البراءة من دم مقاتلي الحركات المسلحة بدارفور وملاحقة المحكمة الجنائية الدولية، مع أن بامكانهم السماح للحركات باقامة دولة دارفور الكبرى عبر استسلام الجيش والدفاع الشعبي؟
الناطق الرسمي باسم الحركات المسلحة بدارفور
6- كيف يحق لهم الحديث عن المقاطعة الاقتصادية الدولية والصناديق العربية والأفريقية ونحن نراها تمول سد مروي، وسد أعالي عطبرة وستيت، وعشرات الطرق، وعشرات الجامعات، وثورة زادنا الزراعية، ومشروعات الثروة الحيوانية، والمسالخ ذات المواصفات العالمية، والمطارات الحديثة، وفتح أبواب الاستثمار للعرب والأجانب، وتنمية مشروعات النفط والذهب والتعدين، وحركة العمران التي انتظمت كل العواصم، وتأهيل السكة حديد، عن أي مقاطعة يتحدث هؤلاء؟
الناطق الرسمي باسم الاقتصاديين الديمقراطيين
7 -عن أي سلام يتحدثون وهم الذين دربوا أخطر وأكبر جيش في افريقيا لم ينكسر امام التمرد والجوار المعادي والدول العظمى لثلاثين عاما، بل شيدوا جهاز أمن ومخابرات يعد الاكفأ تاهيلا بالمنطقة، ودشن جهاز شرطة تعد الأكثر كفاءة بالمنطقة حيث يحلم العرب والعجم في التخرج في كليتها الأشهر في العالم العربي والأفريقي. عن أي سلام ومدنية يتحدث هؤلاء؟
تجمع جيش المعارضة السابق بأسمرا
8- كيف جاز لهم ان يتحدثوا عن الالتزام والحفاظ على المراة القارورة وهم الذين سمحوا لها بالتعليم فى كل التخصصات، واجازوا لها كل الوظائف، واحلوا لها القضاء والنيابة والفتوى والتشريع والسفارة والوزارة والولاية العامة، وحق الاجتهاد. وبعد كل هذا يتحدثون عن التقاليد المرعية في الاخلاق الموروثة والصون المدعى؟
الناطق الرسمي باسم النساء التقدميات وصديقات سيداو
9- كيف جاز لهم أن يتحدثوا عن تمثيل أربعين مليون مسلم ونحن الذين لم يتعدى تعدادنا ألف كادر من الشيوعيين والقوميين والدهريين ورغم محدوديتنا نفرض عليهم حاكميتنا عبر وثيقة تستبعد الدين والعربية، بل نعلن أمام الأشهاد في الداخل والخارج أن السودان القادم هو سودان العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، والسخرية جهرا من دعواهم في شعار الآية (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
فكيف يخرجون من هذا الحرج والاحراج ونحن ننتظر استقالة الملايين عن عقيدتهم وفق منظومة الرسالة الثانية بديلا للاسلام، ومحمود المذموم بديلا للمصطفى المعصوم، والمادية الجدلية بديلا لعقيدة أهل السنة والجماعة، وكارل ماركس بديلا للأشعري، ومشيل عفلق بديلاً لمالك صاحب الموطأ، وزكي الأرسوزي بديلا للشافعي، وعبد الناصر بديلا لصلاح الدين الأيوبي، وعصمت سيف الدولة بديلاً لأبو حنيفة، والوثيقة المزيفة بديلا لوثيقة المدينة، ورأس المال بديلا لاستخلاف المال، والبيان الشيوعي بديلا لاحياء علوم الدين، والعلمانية بديلا للتوحيد، والمثلية والاجهاض بديلا للفطرة والعفاف.
الناطق الرسمي لتجمع المهنيين غير الشرعي
.. إنا لله وإنا إليه راجعون..
The post إن لم تكن في كامل العافية النفسية فلا تقرأ هذا المقال.. بقلم حسين خوجلي appeared first on السودان اليوم.