الاحتفال باليوم التذكاري وعيد الفطر.. عفوا سيدي الامام فقد فاتك القطار.. بقلم صلاح ادريس
السودان اليوم:
لا ادرى هل ماتم هو مصادفة ” رغم يقينى ان كل ما يحدث فى الكون هو من تدبير العلى العظيم”. ام هى واحدة من تصاريف القدر ان يحتفل المسلمين بعيد الفطر المبارك ويحتفل الشعب الامريكى باليوم التذكارى” موتى الحروب” فى نفس التوقيت. وان يصادف الاحتفال جو من الحزن والموت والفراق….بسبب الكورونا التى حولت الاحتفال الى مواكب من الحزن القاتم الكئيب.
الفرق الوحيد هو رفض الشعب الامريكى البقاء فى البيوت. لماذ لان اليوم هو يوم استثنائى فى الذاكرة التاريخية الامريكية. ويرتبط بذكريات خالدة قام بها ابطال فى مخيلة التاريخ والحروب والعسكرية.ولكن هذا العام لا يمكن لهم ممارسة نفس الطقوس وهى الخروج والاحتفال بهذا اليوم الفريد فى الهواء الطلق وهى الميادين العامة الحدائق الخضرء الشواطئ ذات المياه الدافئة. السبب هو ” الحظر المنزلى” بسبب الكوفيد-19. ولا يمكن التحايل على القانون ومن يفعل يتعرض لعقوبة قد تكون رادعة. جاء الحل من شابة امريكية مهاجرة” من اصول روسية”. ماذا فعلت تحدت السلطات عدة مرات وقامت بمظاهرة امام رئاسة البلدية وقامت الشرطة وفق القانون باعتقالها مرتين. عندما يأست من الحلول “السياسية” لجأت للحلول القانونية. رفعت قضية للمحكمة العليا طلبت فيها بالسماح للجمهور بالخروج واستندت فى الدعوى القانونية على الدستور. سمع السيد اندرو كوامو حاكم ولاية نيويورك وخاف الحاكم من ” الجرجرة” فى المحاكم وربما الهزيمة القانونية ” رغم ان الحاكم اساسا رجل قانون” وسحب الامر السياسى وسمح للكل بالاحتفال فى الهواء الطلق. ربما لا يتفق الكثيرين مع ماذهبت اليه هذه الفتاة. وذلك من الخوف ان يؤدى هذا القرار الى المزيد من الوفيات التى وصلت الى حوالى 25000 فى ولاية نيويورك وحوالى 100000 فى امريكا. ولكن ما اعجبنى واعجب الكثيرين غيرى هو شجاعة الفتاة واصرارها على التمسك برأيها بل واخذ هذا “التمسك” للقضاء بل والانتصار لهذا الرأى واجبار الحاكم على التناذل . وكأنى اتذكر قول سيدنا عمر ابن الخطاب عندما قال قولته الشهيرة ” اخطأ عمر واصابت امرأة”. عندما وقفت ضدها السياسة وجندت لها “الشرطة” لم تخاف من الاثنين. بل ولجأت للسلطات القانونية “الاعلى” واخضعت كل من السياسة والشرطة لحكم القانون. الملاحظة ” الهامة” ان القانون لم يصدر قرار لصالحها بعد. ولكن عندما رأى الحاكم ان القانون يقوده الى “جرجرة” هو فى غنى عنها اضطر لسحب القرار السياسى على الفور. لم تمر الحادثة مرور الكرام على الصحافة تصدرت صورة الفتاة الصحف اليومية يوم امس. موقف الفتاة كان دعوة للفخر والنصر من ” المستضعفين” فى زمن الخوف والحزن والهزيمة وضياع الثقة فى النظام السياسى والاقتصادى الذى انهار وتصدع فى شهرين ليس من قبل جيش عرمرم ولكن من فيروس لايرى حتى بالعين المجردة. لا يفوت عليكم عظمة الخالق. هنا لا ادعو القارى الى النظر بعين فاحصة الى مكونات دولة يسود فيها حكم القانون. هذا جدل نظرى نتركه لعلماء السياسة والقانون. ولكن ادعوالقارئ الكريم الى دقة الفصل بين السلطات الثلاثة ” رغم ان ترمب عبث بها مؤخرا” وهى الاولى التنفيذية” حاكم الولاية”، الثانية القانونية ” القضاء -المحاكم” الثالثة التشريعية ” البرلمان- التشريعات الخاصة” استندت الفتاة على فقرة دستورية لرفع دعوتها. والاهم منها هو لا يحدث هذا الا فى وجود نظام مدنى ديمقراطى متطور يطور نفسه كل يوم بماةيسمى chech and balance ” افحص ووازن. نظام راسخ ومتمكن ومتغلغل فى مختلف أجهزة الدولة.
اعود الى ما بدأت به وهو تزامن العيد مع اليوم التذكارى memorial day.وكيف قاد ماوقامت به هذه الفتاة الى بعض ” البراح” فى فرحة المسلمين بالعيد” رغموغياب الصلاة وهى ركن اصيل من هذه الفرحة” فى الخروج والاحتفال بالعيد فى الهواء الطلق وخاصة الاطفال فى الاستمتاع باللهو والجرى فى الفضاءات الواسعة. ومن ناحية اخرى خروج المارد الامريكى من “القمقم”. ولكن ما هى الرسالة التى اود ان اوجهها الى الشعب من هذا ” الرغى” . الرسالة اننا كشعب يجب ان نتعلم ان من هذه البنت ” الفالحة” ان خيار الديمقراطية وليست ” العلمانية” والتضحية من اجل بناء الدولة المدنية ومؤسساتها خيار لا رجعة فيه. وعندما اتحدث عن هذه المؤسسات اعنى مؤسسات سياسية” احزاب مؤسسية قائمة على اسس ديمقراطية متينة وليست طائفية هشة يتحكم فيها ” الامام”. والقانونية “قضاء نزيه مستقل منفصل عن الدوائر السياسية” تشريعية “برلمان منتخب يسن القوانين التى تحمى وتضمن حقوق الشعوب”.هذا هو الخيار الذى نريد ان نراه ولكنه يحتاج الى تضحيات جسام. وعمل بطولى ديمومى من قبل كل فرد من افراد شعبنا العظيم. حتى لا تكرر تجربة حكم البشير وصحبه تلك التجربة المريرة والمظلمة فى تاريخ الشعب السودانى والتى انتهت بفصل الجنوب ولكنها لم تقف عليه. هذا الشعب العظيم الذى خرج من الدمازين وعطبرة ونيالا والفاشر فى يوم الثالث عشر من العام الماضى واسقط البشير وصحبه ورماهم فى البحر ونادى بملأ فيه سلام حرية عدالة. وضحى فى سبيل هذه الاهداف بشباب فى ريعان الصبا وهبوا حياتهم رخيصة من اجل يعيش غيرهم فى فضاء الحرية وسماء الديمقراطية هو السبيل الاوحد لبناء الامم وتحرير الشعوب. وحتى ولو نادى قوم تبع مثل ” الامام” بالعودة الى عهود التيه ةالظلام والبكاء على اطلال الدين والقيم وشجب العلمانية واليسارية التى تحالف يوما معها من اجل السلطة وتنصل منه بل تصدى لها
يحاربها من اجل دنيا يصيبها فهجرته الى ما هاجر اليه. ونؤكدللامام لابد من صنعاء وان طال السفر اما دموع التماسيح التى اهرقتها والتى تريد بها ارجاع عقارب الساعة الى الوراء تحت غطاء الدين ” ديننا ليس للبيع” فهى مهما اهرقت فلن تخدع هذا الشعب الابى الذى قام بثلاثة ثورات عظيمة اذهلت العالم. وليعلم سيدى “الامام” ان تلك الدموع التى لا لون لها ولا طعم ولا رائحة لن تزيد هذا الشعب الا اصراراعلى بناء الدولة المدنية التى لا ولن تكون انت وانصارك ا حد عرابيها او بناتها فقد تجاوزك التاريخ وضحكت عليك الامم وصرخوا فى وجهك صغر وكبار الانصار فى الفاشر ونيالا . سيدى الامام اجمع اوراقك البالية وجبتك العتيقة وارحل .فقد تجاوزك التاريخ وعفا عليك الدهر بعد اكل منك وشرب.
عفوا سيدى الامام فقد فاتك القطار.
The post الاحتفال باليوم التذكاري وعيد الفطر.. عفوا سيدي الامام فقد فاتك القطار.. بقلم صلاح ادريس appeared first on السودان اليوم.