غير مصنف --

سرقة أمتعة المسافرين… ظاهرة تُهدّد الطيران الآمن

من الجرائم المعقدة التي حرمت الكثير من المسافرين من فرحة الوصول إلى الوطن عبر مطار الخرطوم، سرقة الأمتعة، ويأتي التعقيد لأن المسئولية فيها تقع على عاتق العديد من الجهات، وكأنما (تتفرق فيها الدماء) ما بين شركات الطيران التي تتولى نقل المسافرين من دولة إلى أخرى نظير رسوم معينة وما بين إدارة الجمارك وأمن الصالات بمطار الخرطوم ودائرة الأمن وغيرها، وبمن فيهم الراكب نفسه.

واتجهت (الصيحة) لإجراء تحقيق استقصائي حول المسألة للمرة الثانية، لأن الظاهرة أطلت برأسها من جديد بعدما تم استئناف الرحلات الجوية عبر المطار بعد توقفها بسبب جائحة (كورونا)، ورصدت الصحيفة بلاغات دُوّنت في هذا الصدد، وتمكّنت الصحيفة من الوصول للجهات المسؤولة عن الملف الذي كشف التحقيق عن تخصيص ملف اسمه (سرقات الأمتعة) من قِبل السلطات بمطار الخرطوم مؤخراًً، واستقصت عن ملابسات وقوع هذه الجريمة عبر هذا المنفذ الحساس بالبلاد (مطار الخرطوم)، ولتحديد مواضع الخلل والإخفاق والجهات الأساسية التي يجب تصويب أصابع الاتهام إليها.

متابعة الظاهرة

تتبّعت (الصيحة) ملابسات وحقيقة بلاغات سرقات الأمتعة المدونة بالمحاضر الرسمية أو عبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، ووقفت على الخطوات يتم اتباعها بعد وصول المسافر وخروجه من بوابة الوصول بمطار الخرطوم، وتبيَّن للصحيفة أن هنالك حالات نسيان مثبت وقوعها وسط المسافرين بكاميرات المراقبة، إذ أن الراكب يترك الحقيبة في السير الكهربائي أو أي متاع آخر في صالة الوصول ويغادر إلى منزله، فيما أن الشركات ملزمة بتعيين موظف يضاهي الديباجات الخاصة بكل مسافر ومن ثم يتأكد من عدد الحقائب في حال عدم اكتمالها يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة قبل مغادرة الراكب، لأن حرص المسافر على امتعته لا يلغي دور الشركة الناقلة ومهمتها في المراجعة الأخيرة والتدقيق، ومسؤوليتها أيضاً حيال الأمتعة في حالة تأخرها أو في حالة أنها لم تصل مكتملة من أي مطار خارجي، وحتى هذه المرحلة تكون العلاقة بين الراكب والشركة الناقلة بحسب ما توفر للصيحة من معلومات.

تكمن المشكلة الحقيقية في حالة نسيان الأمتعة من قِبل الراكب نفسه، في المرحلة الأولى في (سير) الأمتعة أو أثناء إجراءات المراجعة التي تقوم بها شركة الطيران، والمرحلة الثانية في المنطقة الخاصة بالجمارك أثناء تخليص الراكب القيد على أمتعته بواسطة السلطات، وفي حال نسيان الأمتعة في هذه المنطقة، أحياناً يتم الحصول عليها من قبل راكب آخر ينبه إليها أو بواسطة العمال وتوضع في مكان معين اسمه الـ(مهملات) وبنهاية إجراءات الطائرة المحددة أو الوردية يتم تشكيل لجنة لحصرالمهملات، وفي حال أن الراكب تذكر سريعاً وعاد إلى المطار في هذه الحالة يتم أخذ المواصفات الدقيقة لمفقوداته، وبواسطة اللجنة يفحص المتاع أمامه وإذا كانت الأغراض متتطابقة تسلم للراكب بإقرار مكتوب وفقاً للإجراءات المتبعة من قبل سلطات الجمارك، أما إذا لم يتذكر الراكب أغراضه حتى نهاية الوردية يتم جرد لجميع الأمتعة وحفظها وإذا وجد بها رقم هاتف يتم الاتصال بصاحبها على الفور، وإن لم يوجد تصبح مهملات ويتم تسليمها بكشوفاتها إلى إدارة اسمها المخالفات والمهملات وتمكث الأغراض لمدة شهر، ومن ثم يعلن عنها بالصحف الرسمية بكشوفات بفترة سماح (15) يوماً، وهنالك ركاب لديهم مفقودات لا يحضرون لاستلامها، بعد هذه الفترة وفقاً لقانون الجمارك يتم التصرف فيها بالبيع ووضعها في خزينة الدولة.

محطات متعددة

أوضح تتبُّع ظاهرة السرقات بالمطار أن هنالك عدة محطات أو مراحل يمكن أن يفقد فيها المسافرأمتعته، وفي المرحلة الثالثة يفقد جزءاً من أمتعته في حال أنه اتجه إلى السوق الحر، كما أن هنالك حالات نسيان أمتعة خارج الصالات يتم تحريزها بواسطة أفراد المباحث المسؤولين من الساحات الخارجية، وإذا خرج نهائياً في الساحة ايضاً مع حرارة استقباله من قبل أهله، في هذه الوضعية يمكن أن تتم السرقة بالفعل، من قبل شخص أو يتم استبدالها مع راكب آخر في حال تشابه الحقائب.

ورصدت (الصيحة) بلاغات مشهود بها في مثل هذه الحالات، إذ تم تبادل الحقائب بين سودانية تحتوي حقيبتها على ذهب و(5) آلاف دولار وأخرى من دولة أفريقية مجاورة، والمسافرة السودانية بعد عثورها على الحقيبة لم تجد الذهب ولا العملات بعد أن تمكنت من الوصول إلى الأجنبية، ودونت بلاغاً بقسم الشرطة بذلك لم تتمكن من استرداد ممتلكاتها حتى هذه الأثناء.

وفي حادثة أخرى نادرة الحدوث وسط المسافرين بدول العالم المختلفة، أجهشت سيدة وابنتها التي في مقتبل العمر بالبكاء بعلو الصوت داخل صالة الوصول بمطار الخرطوم في مشهد مأساوي وذلك عند وصولهما البلاد من رحلة قادمة من إمارة أبوظبي، وذلك بعدما اكتشفتا سرقة (18) كيلو جرام ذهب مشغول تقدر قيمته بملايين الجنيهات من حقيبة كانتا قد شحنتا بها الذهب وبعد أن حملتها البنت في حقيبة (جرارة) بيدها وكانت تعتزم أن تستقل بها الطائرة، إلا أن الموظف بمطار أبوظبي أوقفها بسبب أن الحقيبة ثقيلة الوزن وذلك تمشياً مع القواعد والقوانين المتبعة هنالك بالمطار الأمر الذي دعاها إلى أن تشحنها مع الأمتعة في مخزن الطائرة بما تحتويه من كميات الذهب، وكانت غير محكمة الإغلاق لتكتشف الجريمة وفقدان الحقيبة بكاملها، وفي الأثناء أخلت الشركة الناقلة لسيدة وابنتها ساحتها من المسئولية، وعزت ذلك إلى عدم إخطارهما الشركة بأن هنالك أمتعة باهظة الثمن (ذهب) ضمن الأمتعة الخاصة بهما في الرحلة.

ومن السرقات الغريبة التي ألجمت أحد المسافرين بالذهول عندما سطا لص على عقار طبي باهظ الثمن أكد أحد الركاب القادمين من خارج البلاد على أنه اكتشف اختفاءه من الحقيبة بعد وصوله الخرطوم، مبيناً أنه يخص مريضاً في وضع صحي حرج.

بلاغات مقيدة

من البلاغات التي دونت أسفيرياً عبر صفحة مسافر يمتهن التجارة ترك حقيبته بالمطار وغادر، وصب جام غضبه عبر الوسائط على السلطات بالمطار واتهمها بسرقته، وأوضح مصدر موثوق لـ(الصيحة) عن تولي الأخيرة التحقيق في البلاغ من خلال صورته الشخصية والرحلة التي جاء بها ومراجعة كاميرات المراقبة ليتبين أنه أكمل إجراءاته وترك الحقيبة في مكانها وخرج، إلى أن تم وضعها مع المهملات وتم الاتصال به من قبل السلطات المختصة بالمطار وأكدت له أن حقيبته موجودة وعليه الحضور لاستلامها، ليواجه بعد ذلك بلاغاً بالاتهامات التي نشرها ضد السلطات بمطار الخرطوم عبر الأسافير.

وأصيب اثنان من المسافرين جواً عبر مطار الخرطوم الدولي بالصدمة العنيفة جراء سرقة هواتفهما النقالة من حقائبهما الخاصة وذلك بعد استلامها من السير الكهربائي بصالة الوصول، وكشفت معلومات مؤكدة تحصلت عليها (الصيحة) حول الحادثتين عن أن جريمتي السرقة ارتكبتا في رحلة واحدة لمسافرين قادمين من الهند، وأوضحت أن أحد الشاكيين في البلاغين عائد من رحلة استشفاء طويلة بالهند ليكتشف الجريمة بعد استلامه حقائبه الخاصة، وأبان الشاكي في بلاغه المدون بقسم شرطة الدرجة الأولى أنه فقد من حقيبته هاتفين قيمتهما (50) ألف جنيه، وفي ذات الرحلة أبلغ مسافر آخر بسرقة هاتفه الجلكسي قيمته (30) ألف جنيه من حقيبته الخاصة وتولت الشرطة التحري في البلاغ.

وقطع العميد شرطة حقوقي عبد الرحمن بدوي عبيد مدير الصالات والتارمك بإدارة جمارك مطار الخرطوم، بوجود حالات سرقة حقيقية تحدث بالمطار للامتعة، ولكن تم الحد منها باتخاذ إجراءات وصفها بالقاسية حيال الجهات المتورطة فيها من الشرائح الأضعف التي تعمل بالمطار، في عمليات تفريغ الأمتعة، بعدما تم رصدهم بكاميرات المراقبة وفصلهم نهائياً من العمل، مشيراً إلى أنه كانت تتم حالات دخول أشخاص إلى المطار بطريقة أو بأخرى وبانتحال شخصيات معينة وهدفهم الأساسي السرقة، وتمكنت الشرطة من القبض على متورطين في مثل هذه الجرائم، كما ألقت القبض على امرأة دخلت المطار وسرقت من حقائب مسافرين أموالاً وذهباً، وتم توقيف (مرافيد) مفصولين من العمل ولديهم بطاقات تمكنهم من دخول المطار لأغراض السرقة، وصوب الاتهام مباشرة لجميع هذه الفئات بالتسبب في وقوع السرقات.

الخرطوم ( صحيفة الصيحة )

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى