السودان اليوم:
عيد هذا العام كان مختلفا نوعا ما عن الأعوام السابقة، رغم فداحة الخطب من سيول جرفت الكثير من المنازل والمحلات التجارية بمناطق شرق النيل، (نسأل الله ان يخفف عن المتضررين) وأن تكون بداية طيبة للوالي الجديد بإجتيازه إمتحان موسم الخريف بنجاح.
أما أميز ما شهده هذا العيد هو التأكيد الأكثر جرأة على أن الثورة بالفعل (محروسة) بعين الثوار التي لا تنام.
فأسوأ ليلة يمكن أن تمر على عضو المجلس السيادي الفريق / شمس الدين كباشي منذ ليلة فضَ إعتصام القيادة، هي ليلة محاصرته من قبل ثوار ولجان مقاومة (الحتانة) بمحلية كرري بأم درمان امس الأول داخل منزل الصحفي جمال عنقرة.
اللقاء الذي أسماه صاحب الدار وبعض الضيوف ب (العفوي)، أكد أنه ليس عفويا، وأن هناك ما يدور في الخفاء ويستوجب الإنتباه.
وأثبت أن (العسكر) قد خرجوا تماما من قلب وعقل الشباب السوداني ولا سبيل لعودته مرة أخرى إلا بتغيير عقيدته ليكون جيش السودان فقط وليس (جيش الكيزان) كما وصفه الشباب.
فقد ظهر مستوى وحجم الكراهية التي يكنها الثوار للعسكر ممثلين في الفريق كباشي، حيث نكأ المشهد المستفز لعضو مجلس السيادة مع منسوبي النظام البائد جراح مجزرة القيادة مرة أخرى وشهدائها الذين باتوا ينتظرون عدالة السماء بعد أن يئسوا من عدالة لجنة (نبيل أديب) رغم اعتراف الفريق كباشي بالمجزرة في مؤتمر صحفي شهير في 10 يونيو 2019 بقاعة الصداقة والذي ختمه بعبارة (حدس ماحدس). وكما كتب أحد التشطاء بأن هذه الحادثة كبيرة وعالية الرمزية والدلالات، إذ توضح أن الدماء التي سالت في مجزرة القيادة العامة صبيحة 29 رمضان لن تروح هدرا، وأن الفريق كباشي وشركائه في الشق العسكري في السيادي محاصرون أخلاقيا واجتماعيا وسياسيا بتلك الجريمة الوحشية البشعة، لهذا يتجنبون الظهور في العلن لمخاطبة الجماهير كما اعتادوا عقب انقلابهم الدموي المشؤوم على الثورة لأنهم يدركون ما سيلاقونه من رفض واستنكار، وإن المحاكمات ستطالهم يوما ما مهما مارسوا الهروب إلى الأمام والتحفوا الأيام. وأسوأ ما سيترتب على حادثة الحتانة، هو المزيد من التشبث من قبل كباشي ورفاقه على كرسي السلطة لمعرفتهم التامة بأنه قارب النجاة الوحيد مهما عصفت الرياح بسفينتهم.
فالجيل الجديد أو (الجيل الراكب راس)، بمثابة تعذيب جهري لمنسوبي النظام البائد في معتقلات علي الهواء مباشرة، حيث يجد المسؤول أو (الكوز) نفسه محاصرا بعشرات الكاميرات والاسئلة التي يعلم تماما اللا إجابة مقنعة لها. وعشرات الصفات البشعة التي لا تألفها النفس السويَة.
بجانب ذلك نجد ان تصريحات الفريق كباشي من داخل منزل الصحفي جمال عنقرة مستفزة للثوار ولشركائه في الحكومة على السواء، حيث اراد من خلالها تبخيس انجاز الثورة بأنها لم تحدث تغييرا يذكر، والعكس هو الصحيح، بدليل صغير جدا، وهو نيله شخصيا (رتبة فريق ومنصب سيادي ومخصصات توازي مخصصات رئيس الجمهورية) ألا يعتبر ذلك تغيير في عرفه ؟؟؟
والسؤال الذي لم يجتهد فيه الرجل كثيرا، كيف يحدث التغيير وسيادته وبقية أعضاء مجلسه من العسكر يحكمون قبضتهم على الإقتصاد السوداني، ويلفون الحبل حول عنق المواطن حتى يتراجع عن دعم ثورته ويدين لهم بالولاء والطاعة؟
فالسيطرة لا زالت على مؤسسات الجيش الاقتصادية مستمرة، ويرفضون تحويلها لتكون تحت إدارة وزارة المالية عن قصد، ويماطلون في حماية المال العام، ويتساهلون في إلقاء القبض على لصوص النظام السابق، وحماية من تبقى منهم داخل السودان، وإعزاز وإكرام من هم خلف الأسوار بأكثر مما يستحقون.
الفريق كباشي نسي أو تناسى أن وجودهم في الحكومة كشركاء مفروض فرضا وبالبندقية على المواطن وليس حبا ورغبة كما يعتقد.
لذا، عليهم إن أن يعوا تماما أن الجيش موجود ليحمي الشعب لا ليحكمه، وفرق كبير جدا بين. وتغيير عقيدته القتالية هي المخرج الوحيد لتعود للجيش هيبته التي أهدرها عساكر يحتاجون لسنوات ضوئية ليستوعبوا حجم ما حدث من تغيير في مفاهيم وقناعات الشعب السوداني.
The post وحدس ما حدس.. بقلم هنادي الصديق appeared first on السودان اليوم.