السودان اليوم:
بعد ثورة ديسمبر التي انتفضت ورفضت نظام الإنقاذ لم يعد هناك رصيد لأي جهة ولأي شخص سوى العمل، ووضوح ما يدعو إليه على أرض الواقع.
الثورة لم تنتفض رفضا للإنقاذ فقط، وإنما كان رفضها لكل من يرفع شعارات ولم يعمل بها.
الثورة لم تنتفض فقط في وجه شهادات ومؤهلات من ينتسبون للإنقاذ، وإنما انتفضت في وجه كل من يحمل شهادته ويريد أن يرفع بها نفسه على حساب الوطن وعلى حساب موارده.
الثورة انتفضت لا من أجل كذب الإنقاذ وخداعهم للشعب فقط، وإنما انتفضت في وجه كل من يكذب عليها ويخادعها.
الثورة لم تنتفض فقط بسبب طمع وأنانية الإنقاذ وإنما انتفضت ضد كل طامع وأناني.
موهوم من يظن أن مسيرات الثورة واعتصاماتها ودموع مناصيرها وأذاهم وجرحاها ومن فقدتهم وشهداءها من أجل أن تندد بالإنقاذ فقط، وأنها فتحت عينها على فساد الإنقاذ فقط.
هذه الثورة لم تكن وليدة تدخل خارجي، ولم تكن نتيجة نزوة لحقت بها في لحظة لتتركها تعود إلى غيبوبتها، وإنما ثورة وليدة خداع وغش واستغلال لازمها لوقت طويل صنع وعيها وعزمها ففتحت عينها أمام كل من يريد أن يخدعها ويغشها.
إذا أدركنا الثورة بهذا الفهم فلن نقدم مشروعا زائفا نخدعها به.
إذا أدركنا الثورة بهذا الفهم لن نعرض قيما من أجل أن نصل بها إلى الحكم.
إذا أدركنا الثورة بهذا الفهم لن نقدم تاريخنا القديم والحديث لنخدعها به.
لأنها سوف تكشفنا وتفضحنا فهي تعلمت من درس الإنقاذ أن الشكل الحسن قد يكون غطاء للمضمون الفاسد وأن القول المنمق قد يكون غطاء للفعل المنحرف والفاسد.
غيروا الخطط التي تخدعون بها هذا الشعب المعلم فهو قبل الثورة لم يعد هو نفسه بعدها.
لا تعرضوا شيخا كهلا متكئا على تاريخ يحمل اسمه فقط ولم يقدم باسمه سوى الفشل تلو الفشل.
فقد وعت الثورة أنه ليس فقط من يحمل التاريخ قد يكون فاشلا، وليس فقط من يحمل المؤهلات العلمية قد يكون فاشلا، وليس فقط من خاض معارك السياسة قد يكون فاشلا، بل وعت الثورة وشبابها أنه حتى من ينادي بالقرآن وبسنة نبيه إن لم يكن يؤمن بما ينادي به ولم يثبته على أرض الواقع فسوف يلحق بسلفه أهل الإنقاذ.
فبالثورة سقطت كل أوراق التوت وصار المحك الحقيقي هو العمل والفعل ولم يعد يجد بعد سقوط الإنقاذ أي شعار يرفع، فإن كانت الشعارات تنفع لنفعت الإنقاذ وإن كانت الأقوال تسعف لأسعفت الإنقاذ.
فيا من تحمل في جعبتك قولا بلا فعل وشعارا بلا عمل ومؤهلا بلا ثمرة وخططا فارغة، وتدعي أنك حليف الثورة فما أنت إلا الإنقاذ التي ثار الشعب في وجهها وما أنت إلا النظام البائد الذي أجزم الشعب بألا يعود وإن ادعيت معاداتك للإنقاذ واستنصارك للثورة.
فالثورة ثارت من أجل واقع وأفعال ولم تكن ثورتها من أجل تغيير شعارات ومسميات وشخصيات.
The post المحك.. بقلم محجوب مدني محجوب appeared first on السودان اليوم.