السودان اليوم:
«1»
تقول الطرفة، أن لصوصاً وجدوا “مُدَّاح” في منتصف الطريق قادمين باكراً من إحدى القرى بعد أن أمضوا فيها ليلة (مديح) باذخ حُظوا خلالها بـ “نقطة” وفيرة من “المُحبين” بلغت عشرات الجنيهات…المهم في الطريق استوقفهم اللصوص بعد أن تظاهروا لهم بحب المديح وعشق الحبيب المصطفى، وأخذوا يعانقونهم عناقاً حاراً وهم يرددون : (حباب مُداح الرسول، حباب مُداح الرسول، حبابكم آلاف ) ، في أثناء العناق و(الدفسيبة) تمكن اللصوص من نشل كل مافي جيب كبير المادحين…
بعد أن حصل اللصوص على الغنيمة، طلبوا من “المُدَّاح” أن ينشدوا لهم قصيدة يا شفيع الأمة، وقتها انتبه كبير المُداح لـ (اللعبة) فتحسس جيبه وادرك أن اللصوص قد فعلوها، وهم يرددون: (عليكم الله امدحوا لينا ياشفيع الأمة)، فرد عليهم كبير المداح: (عليكم الله هو دي أمة دي)…
«2»
ما أكثر اللصوص الذين يعيشون بيننا يتظاهرون بحب الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباع سنته واخلاقه، ويتسابقون على المساجد، وأداء الشعائر الدينية، وعندما نتحسس جيوبنا نجدهم قد سرقوا اللقمة من أفواه أطفالنا، وأشعلوا نيران الأسعار، وأفلتوا عقال الأسواق ، واحتكروا البضائع، وضاربوا بالدولار، وأخفوا الدواء، وهربوا الدقيق والوقود والذهب، وتلاعبوا بأقوات العباد، وحصائل الصادر، وحتى الجنسية السودانية باعوها للأجانب الذين لم تطأ أقدامهم ارض السودان اصلاً، ومارسوا كل أشكال الفساد، وأحالوا حياتنا الآمنة إلى جحيمٍ ونارٍ ذات لهب، ثم يطلبون منا أن نمدح لهم “ياشفيع الأمة” إمعاناً في التمويه والتخدير ، ليسرقوننا ونحن في غمرة الدروشة والذكر…
ياخ عليك الله دي أمة دي؟؟؟!!!
«3»
الذين يقترفون كل هذا الجرائم لم يأتوا من كوكب مجاور لأرضنا، ولم يهبطوا من السماء فجأة، لكنهم مواطنين سودانيين، يعانقوننا حباً وكرامة، ويظهرون لنا المحبة والشفقة، ويدعون لنا (ربنا يفرِّج الضيق، ربنا يلطف بعباده، ربنا يزيل الكُربة) ثم يدخلون أيديهم في جيوبنا ليأخذوا كل شيء، قاتلهم الله..ينشطون في التهريب، وتجارة العملة، ويتبارون في رفع الاسعار،وإعمال الفوضى تحت سمع وبصر المسؤولين بالدولة، وعندما يقعون تحت قبضة القانون يوجدون لهم الف مخرج، مثلما حدث للشركة التي هربت 340 كليو ذهب والتي كشف عنها نائب رئيس المجلس السيادي الاسبوع الفائت، الذين يرتكبون هذه الجرائم، وكذلك المسؤولين الذين يتفرجون على هذه الجرائم، كلهم سواء، عليكم الله دي أمة دي، وبعد كل هذا عايزين الشعب السوداني يمدح ليهم يا شفيع الامة…. تباً لكم أيها اللصوص
….اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post عليكم الله دي أمة دي.. بقلم احمد يوسف التاي appeared first on السودان اليوم.
