السودان اليوم:
مؤسف وغريب أن يكون الجدل والنقاش وردود الفعل على القرارات السياسية المتعلقة بتعيين إمرأتين على منصب والي ولاية في السودان بهذه الرجعية والتخلف والسطحية ، وموجع ان نكون مجتمع متعلم ومثقف ، وفيه من يناهض مشاركة المرأة في الحكم والولاية ، مجتمع بالرغم من انه أبو المجتمعات والشعوب لكن مازالت تدور فيه النكتة وتُحبك بطريقة عنصرية بغيضة ، ومثلما أوجعنا ما حدث لشهداء ثورة ديسمبر المجيدة الذين ضحوا من أجل الوطن والتغيير ، حري بنا ان نبكي ارواح حية مازالت بيننا تعيش في زمن التغيير ، تعاني من إغلاق مُحكم سيطرت عليه الفكرة (الذكورية) ورياح التغيير لم تغش عقولهم العقيمة المظلمة ، أؤلئك الذين اختصروا كل قضيتنا في حكم وولاية رجل وإمرأة ، ومنذ القدم وعلى مر العصور والتاريخ كان للمرأة السودانية دور عظيم شاركت في المعارك والحروب وصناعة القرار ، وكتبت اسمها في سجلاته شرفاً وحكمة .
والغريب في الأمر ان دعاة الفتنة ، الذين يتحدثون بعنصرية ويعملون على بث روح الكراهية (الذين في قلوبهم مرض) وتعاني أغوارهم من حقد عميق يريدون ان يشوهوا صورة انسان الشمال ويدمغوا على سيرته وصورته ما لا يليق به ، ويفوت عليهم أن ولاية نهر النيل هي التي عرفت بنونه بت المك نمر ، المرأة الجسور الشجاعة التي عرفت ببسالتها وكرمها.. الشاعرة التي كانت تقف خلف الأبطال والفرسان والتي كتبت اشهر القصائد التي تغنى بها الاستاذ الكابلي ( ماهو الفافنوس ) والتي كانت في رثاء شقيقها الذي مات على فراش المرض وكانت تتمنى له الموت في المعركة.
وعرفت الشمالية مهيرة بت عبود ، الشاعرة السودانية التي تنظم الشعر الحماسي وحاربت ضمن الجيش الذي تصدى للحملة التركية على السودان ، رجال قدموا النساء قبل قرون من الزمان وطافت اصواتهن جميع ربوع السودان عبر الغناء والكلمة كيف لهم ان يكونوا يوما رمزا للعنصرية البغيضة ، ونهر النيل يجب ان تثور على اؤلئك الذين يضعونها في مكان لا يناسبها بهذا الوصف الهزيل ، ويقللون من وعيها وثقافة إنسانها الذين ينضحون بما تحتويه دواخلهم من معتقدات (راكدة ) والمرأة في السودان وصلت إلى أعلى المناصب القيادية والإدارية وأثبتت جدارتها فى الأداء وتفانيها في العمل، بل ونافست الرجل في مجالات عديدة واستطاعت أن تتغلب عليه في عدة أدوار لعبتها بقدرتها وذكائها.. ولازالت قادرة على فعل الكثير .
لذلك يجب ان يكون انسان ولاية نهر النيل يقظاً لما يحاك ضده للنيل منه والعمل على تقديمه على مسرح الجهل الذي يديره بعض السطحيين من مدوني الأسافير الذين لا عمل لهم سوى خلق روح التنافر بين ابناء الوطن الواحد ، وتفشي ثقافة العنصرية وقلة الوعي ، بقايا النظام الذي تسلق على سلم العنصرية ووضع بها الوطن على شفا حفرة من الإنهيار ذلك النظام الذي مازالت بقاياه الإعلامية والاسفيرية ، (تبصق ) على طرقات الثورة والتغيير ، ظناً منها انها ستفسد وتشوه جمالاً وتلاحماً وتلاقيا بين أبناء الوطن الواحد تلك اللوحة التي نسجت خيوطها الثورة ، عندما هتف فيها كل السودان بصوت واحد ، حرية سلام وعدالة لم تكن هناك نغمة بعينها لنهر النيل اولحن مختلف لدارفور كان صوت السودان كله يقول ثورة.
ثورة الكنداكة فيها كانت في مقدمة الركب ازالت نظام كامل عندما جعلت صوتها رمزاً للتغيير ، كيف لها ان لا تحكم ولاية وهي الطامعة الحالمة بإذن الله ان تحكم السودان وإنسان نهر النيل لايمثله شاعر يخرج بقصيدة فطيرة ولا اعلامي جاهل لا يعرف رسالته ، انسان نهر النيل أكبر من هذه الصغائر ، ولكن ماذنبنا من ( مخلفات ) النظام المخلوع التي القاها على الطرقات ، بقصد او بدونه !!
الشمالية ونهر النيل يجب ان تفتخر انها كانت من أوائل الولايات التي تقودها إمرأة بعد التغيير ، هذا في ذاته وحده دليل على ان ثقافة إنسانها ووعيه تتسع على هذه المفاهيم الضيقة ولو كان للحكومة شك في هذا لما إختارت هاتين الولايتين .
طيف أخير :
انه صوتي أنا زاده العلم سنا
The post والثورة .. إمرأة !!.. بقلم صباح محمد الحسن appeared first on السودان اليوم.