السودان اليوم:
أسموها ” شمس الثورة السودانية”، وفي نفس الوقت جعلوا منها الحلقة الأضعف بين مثيلاتها.
عن قناة الشروق أحدثكم.
ألم أقل لكم أكثر من مرة أن بعض مسئولي هذه الحكومة يفلحون فقط في إطلاق العبارات المُنمقة التي تخاطب عواطفنا!
فالشمس تسطع طوال معظم ساعات اليوم، بينما قناة الشروق تغيب أكثر مما تظهر.
تمتعت هذه القناة بإمكانيات عالية وقت أن كانت مملوكة لجمال الوالي في حين أن من دفع تكاليف تشغيلها ورواتب موظفيها آنذاك هو القصر الجمهوري، أي أنها شُيدت وشغلت من أموال هذا الشعب المنهوب.
الشروق صارت اليوم أفقر القنوات السودانية بعد أن تولت أمرها الحكومة الإنتقالية التي تصر على وزير ووكيل إعلام غير مهموميِن بشعارات الثورة.
أعلنت لجنة تفكيك التمكين مؤخراً عن تبعية القناة لوزارة الإعلام فما الذي حدث بعد ذلك!
كلفت لجنة التفكيك رجلاً طاعن في السن كمفوض مالي وإداري للقناة.
أي والله المسئول عن قناة ثورة السودانيين _ التي مُهرت بدماء شفع يفع في عمر الزهور _ رجل في أواخر العقد السابع هو الشفيع إبراهيم الضو.
لذلك ليس غريباً أن تصبح الشروق باهتة وضعيفة الحضور وطاردة للمشاهدين.
في معظم أيام الأسبوع لا يتعدى بث القناة ساعتي زمن.
وحتى هاتين الساعتين تُبث خلالهما برامج قديمة، حيث يضطر معدو البرامج في القناة لتشغيل أشرطة ربما مضى على تسجيلها سنوات عديدة، بسبب شح، بل إنعدام الإمكانيات.
قبل ساعتين كنت أتابع مدائح نبوية مسجلة بثتها القناة على مدى فترة زمنية ليست قصيرة.
مدح رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) ما فيه كلام قطعاً، بل ربما أسهم ذلك في هزيمة فكرة المتأسلمين تجار الدين وحديثهم المستمر عن (كفار قريش) الذين حكموا البلد بعدهم.
لكن المؤسف أن أهل الشروق غير قادرين على إستضافة ولو مادح وحيد بإستديوهاتهم لعدم توفر المال.
مجبرون على تناول الأشرطة من أقرب رف بمكتبة القناة لتشغيله إرضاءً لغرور المفوض الضو.
والمتوقع طبعاً من قناة تحمل اسم الثورة هو الدعم الملموس لهذه الثورة عبر برامج توعوية وحوارات مع شباب الثورة والكثير جداً من برامج التفاعل الحي.
“شمس الثورة السودانية” لابد أن تكون حية، شامخة وبهية ورائعة كبهاء وروعة ثورة ديسمبر التي أذهلت العالم بأسره.
فكيف نقبل بإقالة دكتور أكرم بحجة الفشل في أداء مهمته، بينما يبقي دكتور حمدوك على وزير ووكيل وزارة الإعلام الذين فشلا في تطهير الإعلام من سطوة الكيزان!
ألا ترون أننا كشعب نعيش حالة إنفصام أيضاً!!
فأغلبنا يهللون لدكتور حمدوك بوصفه موظفاً أممياً سابقاً يحظى بإعتراف وقبول معظم المؤسسات والمنظمات الدولية.
وحين يأتي نفس هؤلاء النفر على سيرة دكتور أكرم الذي وجد إشادات دولية كبيرة أيضاً يصفونه بالفاشل وغير المهني!
أما فيصل والرشيد فعندما تسنح لهما الفرصة لتحجيم إعلام الكيزان وتُعاد قناة مثل الشروق لحكومة الثورة يعجزا هم وحمدوك وكل القائمين على حكومتنا الإنتقالية عن تقديم العون المالي والإداري اللازم لها حتى تؤدي دوراً فاعلاً في دعم هذه الثورة العظيمة!
ما نشاهده في الشروق حالياً يبدو بالنسبة لي أقرب للحرب على القناة.
كأني بهم يقولون للناس ” شفتوا كيف لما كانت مملوكة لجمال الوالي كان أداؤها أفضل، لكنها تدهورت في كل شيء لأن ثورتكم أصلاً ما كان يجب أن تقوم حتى لا تتراجعون في كل شيء”.
معلوم أنك عندما تُكلف مفوضاً لقناة بمثل هذا الوضع يفترض أن يقدم تقرير تقييم توطئة لتجهيز القناة قبل أن تبدأ في معاودة البث.
لكن يبدو أن الهم الأول للمفوض الشفيع ومن يقفون وراءه (الرشيد وفيصل) هو أن تشتغل القناة بأي شكل ودون توفير المعينات اللازمة.
يكفيهم فقط الشعار” شمس الثورة السودانية” فهو لافت وجاذب!!
عندما سألت عن أسباب غياب البث لساعات طويلة علمت أنه كلما قطعت الكهرباء توقف هذا البث، وهذا معناه عدم توفر مولد كهربائي بالطبع.
فلماذا إذاً الإصرار على أن تبث قناة الشروق دون توفر المعينات ، اللهم إلا إذا كانت رغبة المفوض المُعين هي أن يقول لمسئولي الحكومة ” ها نذا موجود” حتى وإن أسهم البث المتقطع والبرامج (البايتة) في (تطفيش المشاهدين) من قناة ناطقة بإسم ثورة السودانييين!!
شكونا لطوب الأرض من إنعدام المنصات الإعلامية الداعمة للثورة، فلماذا يصر فيصل والرشيد سعيد على إهدار هذه السانحة الكبيرة المتمثلة في قناة مؤسسة بشكل جيد ولا تحتاج سوى للقليل من الدعم حتى تؤدي دوراً ملموساً في بث الوعي ودعم هذه الثورة وحكومتها!!
يبدو لي أننا بدأنا نشهد تشكُل مراكز قوة في حكومة الثورة.
فقد أقيل دكتور أكرم بسبب مافيا الدواء وأصحاب المستشفيات الخاصة ومواقفه الداعمة لصغار الأطباء على حساب (الهوامير) الذين سخروا هؤلاء الأطباء فيما مضى لخدمة مؤسساتهم الصحية الخاصة.
وها هما فيصل والرشيد يدعمان مفوضاً يتخلى عن دوره ومهمته الأساسية المؤقتة التي عُين من أجلها ويصر على تشغيل القناة فقط من أجل تلميع نفسه.
لم يقدم الرجل تقريراً مثلما فعل ماهر أبو الجوخ مع قناة طيبة، بل حور مهمته ليقدم نفسه وكأنه مدير فعلي للقناة ليجعل منها مسخاً مشوهاً.
بالرغم من ذلك لم يسأله فيصل والرشيد.
كما لم يسأل رئيس الوزراء وزيره ووكيل وزارته عن هذا التشويه والأداء الضعيف لقناة يفترض أنها تمثل ثورة عظيمة.
المتأمل لهذا الوضع لابد أنه سيصل إلى قناعة بأن هدف وكيل الوزارة، الرشيد سعيد هو أن يفرض رجله الذي يشاركه الإيدولوجيا السياسية على الناس ليجعل منه مديراً دائماً بعد أن آلت ملكية القناة لوزارة الإعلام.
وما تشير له المجالس هو أن أعضاء لجنة التفكيك أنفسهم بدوا غير راضين عن ما يقوم به المفوض الشفيع الذي تجاوز صلاحياته كمفوض مؤقت، أفلا يؤكد ذلك على فكرة مراكز القوة في حكومة الثورة!!
لِم لم يتصرف أعضاء لجنة التفكيك في التو واللحظة ويمنعوا هذا العبث!!
ليس لدى الحكومة الإنتقالية سوى القناة القومية وقناة الشروق الحاضرة الغائبة.
ومعلوم أن القناة القومية ما زالت على تخلفها، ولم يضف لها تعيين الأخ لقمان شيئاً مما يمكن أن يجذب المشاهدين.
الجديد الوحيد في القناة القومية هو تشييد أستديو رقمي بإسم البروف (علي شمو) الذي لم نعرفه داعماً لثورات السودانيين!
وها هي الشروق تُغيب بفعل فاعل.
وفي الجانب الآخر تؤدي قناة سودانية 24 الخاصة بأعلى إمكانيات.
وتستمر قناة النيل الأزرق شبه الخاصة أيضاً في عملها بمعينات جيدة.
فكيف نفهم مثل هذا الذي يجري أمام أعيننا بالله عليكم؟!
شخصياً أعتبره إهانة للثورة وتقليل من هيبتها وعظمتها.
وختاماً أشير إلى أنه ليس بالضرورة أن نفترض السوء في المنتمين لهذا الحزب أو ذاك.
لن نختزل المشكلة في شيوعية الرشيد ومفوض قناة الشروق.
فالصالح والطالح موجودون في كل الكيانات السودانية.
وإلا لما أشاد سودانيون بمختلف توجهاتهم السياسية بدكتور أكرم يساري التوجه وأعتبروه نصيراً للبسطاء، فكل شاة معلقة بعرقوبها.
أداء فيصل (الناصري) والرشيد (الشيوعي) يحتاج لوقفة جادة من رئيس حكومة الثورة وإلا اعتبرناه داعماً للفشل.
سئمنا ضعف ومهازل إعلام الثورة.
ولن يهدأ لنا بال قبل أن تُعبر قناة الشروق عن الثورة حقيقة و يُنزل الشعار (شمس الثورة السودانية) على أرض الواقع.
The post حمدوك ودعم الفشل!.. بقلم كمال الهِدي appeared first on السودان اليوم.