غير مصنف 2

الأخلاق الطيبة تدافع عن صاحبها..!.. بقلم ابو عاقلة اماسا

السودان اليوم:
* في كثير من الأحداث أتخذ لنفسي زاوية رؤية أختارها بدقة لمراقبة المشهد، وأدقق في التفاصيل بأناة وصبر يأتيان من باب (فتبينوا)، وأركز على بعض الآراء والمواقف الإنفعالية الصادرة كرد فعل لايخلو منطقياً من التسرع حتى أستفيد منها، وهذا ما فعلت بشأن قضية جمال الوالي رئيس نادي المريخ الأسبق، وأحد أكثر الرؤساء الذين مكثوا على مقعد الرئاسة في هذا النادي التي لا تقل مكانته وشعبيته عن كبرى الأحزاب التأريخية بالسودان ما لم يكن أكبر منها، وقد إنتظر كثيرون مني الإدلاء برأيي حول مايدور في أمر هذه الشخصية من واقع أنني كنت أحد منتقديه في فترة رئاسته للمريخ، ومن خلال تعليقات بعضهم على ما أكتب في مواقع التواصل الإجتماعي وفي منصات النشر الإلكتروني عرفت أنهم يضعونني في مقام (العدو)ّ.. وهي أيضاً من التصنيفات العشوائية الجائرة التي تدل على عاطفية وإندفاعية معظم مواقف الرياضيين ومجافاتهم للحقيقة والواقع، فقد إنتقدت الرجل ومازلت أفعل في منهج إدارته للنادي الجماهيري في سنوات كانت فيه المؤسسات الرياضية تجتهد لتنبني ملامحها (الإحترافية).. وكانت إدارته في ذلك الوقت تسبح في تيار مخالف لهذه التوجهات العالمية وقد إعترف بذلك في لقاء جامع لا أنساه بنادي الشرطة أمام جمع غفير من أنصار النادي في آخر عهده، والواقع أنها النقطة الجوهرية التي انطلقت منها إنتقاداتنا للرجل، ولم نتطرق للجوانب التي تتعلق بشخصيته وصفاته وأخلاقه طيلة 14 سنة قضاها في منصب الرئيس، لأننا لا نخلط الأوراق عادة.
* قد يكون جمال الوالي أكثر رؤساء المريخ الذين تعاملت معهم عن قرب، وعرفتهم بشكل جيد ونحن في الوسط الرياضي نفخر بصدق الأحاسيس والمواقف ولا نتسرع كعادة السياسيين في إطلاق الأحكام، وساعد في معرفتي به أننا من بيئة واحدة في الجزيرة المعطاءة، وجمعتنا علاقات تواصل أخرى خارج المجتمع الرياضي، لم أتطرق لها من قبل لأن مناسبتها لم تأت بعد، والحق يقال أنه رجل ذو خلق رفيع، سهل، وطيب السجايا، ويصعب أن تقبل فيه ذلك الحديث المرسل على عواهنه، ومجتمعنا في طول القرى والمدن المطلة على النيل الأزرق يتميز بالتدقيق في سلوك وطبائع البشر ولا يجامل، وإلا لما احتل جمال الوالي هذه المكانة الرفيعة في قلوب البسطاء، والأخلاق الرفيعة مع تلك الصفات والسجايا هي التي تدافع عن صاحبها.
* هذا الأمر لا علاقة له بملفات الفساد التي تحركها لجنة إزالة التمكين والتجاوب الثوري العنيف مع التفاصيل، وأتذكر دائماً في مثل هذه المواقف ما حدث في أعقاب إنتفاضة رجب أبريل ضد حكومة نميري 1985، وماذا قال الثوار عن حكومة مايو وعن فساد الرئيس نميري وأرصدته وأموال زوجته في بنوك سويسرا، وما تم تداوله عن أساطير حول ما يملك ويكتنز من أموال، ولكن بمرور السنوات إكتشفنا جميعاً كشعب مدى الظلم الذي حاق بالرئيس الأسبق، وكيف عاد إلى البلاد ومات ودفن.. وصدم الشعب السوداني بحقيقة أنه لا يملك بيتاً يأويه وزوجته، ولم يخرج من الدنيا بشيء من ذلك الحطام سوى المواقف التي تروى وتحكي عن رجولته ونزاهته وحبه للشعب السوداني ووطنه، والمشروعات الضخمة التي تدافع عنه، وبعض من ذكرى طيبة في أذهاننا نحن الجيل الذي عاش صباه وبدايات شبابه في عهده.
* تلك الملفات والإتهامات التي طالت جمال الوالي بالفساد لا تتسق مع الصورة التي رسمها بأخلاقه في أذهان الناس، وأنا أتحاشى إطلاق الفتاوي في الأمر طالما أن هنالك متسع للعدالة، وأن القضاء سينحاز للحقيقة متى وجدت وظهرت للعيان.. ولسنا قلقين لذلك، ولكننا نتناول القضية للرد على بعض التعليقات المتسرعة على الموضوع، وإن كان رأينا واضحاً وصارخاً في فساد الإنقاذيين فذلك لا يمنعنا في الحديث عن أخلاق جمال الوالي، وأنه ليس بالشخص الذي يمكن أن تقبل فيه كل ما يقال في المجالس لأننا نعرفه جيداً..!
* على امتداد الضفة الغربية للنيل الأزرق وحتى على ضفتي النيل الأبيض وولاية الخرطوم أعرف رجال أعمال شباب، منهم من كانوا دفعتنا أيام الدراسة في الثانويات والمتوسطات، لا علاقة لهم بالإنقاذ وحكومتها ودهاليزها ويملكون مزارعاً وأراضي تقدر بمئات الأفدنة.. وهذه ليس مجالاً يثير الإهتمام.. ولا يعني ذلك أنهم فسدوا..!
* على مستوى المجتمع الرياضي والمريخي هنالك من يتفقون معي على هذا الرأي وهم ليسوا من الإنفعاليين وليست لديهم سجل في قوائم المطبلاتية، والأهم من ذلك أنهم يستطيعون الرؤية بعيون لا ترتاب في كل شيء وعقول تترك فسحة لحسن الظن والإحتمالات الأخرى، وهم الذين سيتفهمون مانكتبه عن أخلاق الرجل، وربما لديهم أكثر مما لدينا ولا يثير ذلك الإستغراب أبداً، وكما يقال (أن الشيء من معدنه لا يستغرب) ومثلما للسياسييين رأي في كل منتسب لحزب المؤتمر الوطني، فنحن لدينا رأي واضح في أخلاق جمال الوالي وطبيعته كإنسان نظيف لا يقتات الجيف كما يفعل أولئك القوم، وربما هنالك حقيقة مهمة هنا، وهي أن السواد الأعظم يربط الشهرة والقبول العام في المجتمع بالثراء، وأن شخصية في مستوى قبول رئيس المريخ الأسبق هو في مستوى ثراء الوليد بن طلال والراجحي وبعض الأسماء الأسطورية في مجال المال والأعمال، غير أن الواقع والحقيقة أنه رجل أعمال عادي جداً، ولكنه يملك القدرة على إدارة الملفات وحل الأزمات، وربما يجد الحلول لمعضلة بالمليارات دون أن ينفق عليها شيئا.. ولا أحد في مجتمع المال والأعمال يستطيع أن يرفض له طلباً وذلك لسمعته وإسمه المرتبط بالمصداقية وحسن السيرة وهي في حد ذاتها ثروة لا تقدر بثمن.

The post الأخلاق الطيبة تدافع عن صاحبها..!.. بقلم ابو عاقلة اماسا appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى