غير مصنف --

عبداللطيف البوني يكتب: سد النهضة (5 ) حب ود الجيران العمل الخزان

(1 )
نحن في السودان رايح لينا زعيم نحبه ونلتف حوله ليخوض بنا معرك البناء والتنمية وبتعبير علم السياسة عاوزين قيادة كارزمية وهي تعني قيادة ملهمة تسحر الناس عند ظهورها ببرنامج مبهر ثم يتبعها الناس بعد ذلك دون أن تخضع قراراتها لأي مراجعة وتدافع عنها وهي مغمضة العنينين معطلة العقل، حب وبس فطلباته اوامر واوامره مجابة دون تمحيص. من المؤكد أن هذا النوع من القيادة له خطورته اذ انه يحطم المؤسسية ويتيح الفرصة لبعض المفسدين باسمه والاهم انه لا يشرك الشعب في عملية صنع السياسات فالاوفق دوما أن تكون القيادة جماعية ومنتخبة ويكون هناك فصل بين السلطات ولكن في بعض الحالات تصبح القيادة الكارزيمية ضرورة لانها تختصر الزمن وتتسامى فوق التشرذمات وتخرج الناس من وحل اللت والعجن كما يمكن معالجة آثارها الجانبية السلبية اذا كانت درجة الوعي بها عالية ولعل خير مثال لقائد كاريزمي خفف من آثار كارزيميته دا سلفا في البرازيل ومهاتير محمد في ماليزيا فهذان الزعيمان جاء بانتخابات لكن التف حولهما الشعب وانجزا انجازات باهرة ليس اتكالا على حزبيتهما فقد تجاوزاها بل على جاذبيتهما الشخصية وفي النهاية ترجلا مفسحين الطريق للمؤسسة التي جاءت بهما لتأتي بغيرهما . يمكن الحاق نيسلون مانديلا بالقيادات الكارزيمية رغم أن عطاءه انحصر في النطاق السياسي وياله من عطاء اذ ازال وصمة من تاريخ البشرية . اما تجربة كوامي نكروما ونايريري ابرزت الآثار الجانبية غير المحمودة للقيادة الكارزيمية ولكن على المدى البعيد ظهرت نجاعتها
(2 )
في السودان لم يمن الله علينا بقائد كارزيمي ولكن يبدو أن لدينا اشواقا لها فلما نجدها طفقنا نبحث عنها في جيراننا شمالا وشرقا فوجدناها في عبد الناصر في القرن الماضي ونجدها الآن في ابي أحمد ولكن للاسف حب ود الجيران دفعنا ثمنه سدين كبيرين هما السد العالي ثم سد النهضة ولن نقول حب من طرف واحد فالزعيمان بادلا الشعب السوداني الحب لكن كانا يحبان بلديهما اكثر ولا يعني هذا اننا ضد السدين العظيمين بل بالعكس اعجابنا بهما فاق التصور ولكن للاسف بلعنا الزلط على آثارهما الجانبية التي وقعت علينا وكان يفترض أن تكون فائدتنا منهما كبيرة وليس بالضرورة كفائدتهما بالنسبة لبلديهما لكن على الاقل كان يمكن أن يكون لنا من الطيب نصيب او كما يقول المثل السوداني (البحضر التقاة بتعشى) والتقاة هي المكان الذي تجمع فيه قناديل الذرة لاخراج الحب منها حيث يلتف الناس حولها يوم (الدق ) كل يحمل ماعونه طلبا في خيرها فالسد العالي الذي ضحينا فيه بأرض غالية ورحلنا نفرا عزيزا علينا ابكيناهم مرتين يوم الرحيل وهم يودعون اجمل ما يملكون بما في ذلك قبور موتاهم يوم هطول المطر في ارضهم الجديدة كان يمكن نقتسم الكهرباء مع مصر عديل كدا ولكن للاسف لم نخرج ولا بانبة تجنستاين تضوي حمام صغير وهنا ينبغي الا يكون العتب على المفاوض السوداني وحده بل على الزعيم عبد الناصر الذي كنا نحبه ومازلنا نحبه فكان ينبغي أن يترجم حبه للسودان ويقابل تضحيته بما يستحق ولكن يبدو أن حب مصر اعماه
(3 )
قد يكون من السابق لاوانه الحكم على سد النهضة فهو لم يعمل بعد ولم نر منه حتى الآن لاخير ولاشر بل على العكس القناعة العامة في السودان أن هذا السد فيه فوائد ضخمة للسودان تجعل السودان يغض الطرف الآن عن اي كلام عن مخاطره ولكن في نفس الوقت هناك من يقول بان مضاره كبيرة جدا وانها تتضخم مع المستقبل وبين الرأيين المتطرفين هناك رأثي معتدل يقول إن للسد فوائد للسودان ولديه مضار . الانسان الحذر ينبغي أن يقف اكثر على المضار لكي يتجنبها فالفوائد يمكن ادراكها بوسائل اخرى وهنا لابد من أن نعيد ذكر القاعدة الاصولية التي تقول (دفع المضار مقدم على جلب المنافع ) اي اذا اجتمعت المضار والفوائد في شيء واحد يجب أن تركز على دفع المضار وهنا نذكر قصة ذلك الصحابي الجليل الذي قال إن الناس تسأل الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عن الحلال وانا اساله عن الحرام لكي اتجنبه والعبد لله الفقير الى مولاه كاتب هذا المقال كان مع الموقف السوداني العام من سد النهضة الذي لخصناه في (دوار جمل نسيبته ..) انظر المقال الرابع . لكن التنمر الذي اظهرته اثيوبيا بعد اكتمال منشآت السد جعلني لا ارى غير المخاوف التي تضخمت امامي
(4 )
إن شاء الله ستكون لنا عودة لمناقشة الفوائد والمضار لسد النهضة على السودان على حسب ماهو مطروح في الادبيات السودانية من المختصين ومن المتطهمين ومن متلقي الحجج الذي يخوضون احيانا في غير تخصصم من امثالنا المتحطبين ليلا ولكن في هذه العجالة نقول بل نسأل طالما أن الفوائد المرتجاة يمكن نتحصل عليها وقبل ذلك تتحصل اثيوبيا على ما تريد من الكهرباء من تخزين 17 مليار متر مكعب كما تمنت اثيوبيا ذات يوم او حتى من 25 مليار متر وفوق البيعة عشرة تانية فلماذا تخزين 74 مليار متر مكعب؟ لماذا لماذا ثم لماذا ؟ كل هذه الليماذات ايقظها حديث السياسيين الاثيوبيين هذه الايام الذي خلاصته الماء مائي لا بل السحب سحبي طالما انها تنزل في ارضي واكان دايراكم اكان نزلت عندكم مش كدا وبس بل الماعاجبو البحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط جنبه يمشي يعمل تحلية كما اشار وبذكاء مندوب اثيوبيا في الامم المتحدة يوم الاثنين الماضي في جلسة مجلس الامن لمناقشة موضوع سد النهضة بناء على الشكوى المصرية . اها والعندو بحر احمر فقط وفي طرف حدوده كما حالتنا السودانية يعمل شنو ؟

(5 )
سكتنا سكوتا تاما عن مضار سد النهضة ربما لاننا نجهل حجمه او حملناه على حسن النية كله لابل لان اثيوبيا من حقها الاستفادة من مواردها كما أن العلاقة الشعبية الوطيدة بين الشعبين تجعلنا نغض الطرف عن اي مضار واخيرا يمكن نضيف حبنا للزعامة الاثيوبية فمليس زيناوي استطاع بمهارة فائقة أن يتخذ اخطر قرار في تاريخ بلاده وهو الاعتراف بحق ارتيريا في الاستقلال كما استطاع أن يعبر ببلاده اما ديسالين فيكفيه انه لم يكنكش في الحكم كما كان الحال عندنا ثم جاء ابي احمد باسمه وبشبابه وبحماسه وبتصفيره للعداء مع جيرانه واخلائه للسجون ثم بموقفه الرائع من الثورة السودانية ودور مندوبه السفير النبيل اسماعيل دردير الذي بكى وابكانا معه وهو بين يديى وثيقة اغسطس 2019 الدستورية التي تحكم البلاد فشرقنا بأبي أحمد وصفقنا لمداعبته لذقن اللصم واصبحنا في انتظار افتتاح السد العظيم على يديه ولكن هاهو الآن يقلب لنا ظهر المجن ويرفض تأجيل ملء السد قبل للوصول لاتفاق على التفاصيل علما بأن السد حتى الآن لم يعمل لا بل لم تجر عليه عمليات تجريبية
(6 )
حول هوى مصر وعبد الناصر واتفاقية 1959 ستكون لنا عودة إن شاء الله لتصحيح بعض القراءات التي نراها سيئة للتاريخ خلاصة قولنا اليوم إن حبنا لاولاد الجيران عبد الناصر وابي أحمد جعلنا نبلع الزلط لهما في سد العالي وفي سد النهضة هذا يعني اننا وزعنا حبنا شمال شرق وطلعنا منها (كيت) ليحول الآخرون هذا الحب النقي الطاهر الي رصيد مادي يتمثل في سدين عظيمين وطلعنا نحن بدون سد بل موعودين بكهرباء من السيدين أكان بأسعار تفضيلية أم أكان بعطية مزين وفي النهاية كلها مخاطرة وارتهان للغير فيا جماعة الخير شوفوا طريقة اعملوا سدكم لكي تتوازن اللعبة بعبارة اوضح نحن لازمنا سد كبير يحمينا من مخاطر سد النهضة ويعطينا كهرباء كما يعطي السد العالي مصر فطالما أن الجارين يتعاملان بطريقة الفول فولي فنحن عاوزين فولنا وافتكر الرصيرص معقولة جدا عشان نغني (عشة ام رشيرش ) وبما أن التجربتين قالتا لنا إن السد يحتاج لقيادة كارزيمية لقيامه فما رأيكم في مسيرة مليونية ثالثة لتنصيب الدكتور عبد الله آدم حمدوك في الحتة دي ؟ الكلام الاخير خلوه سري بيناتنا هنا ما يسمعوا بيه الجيران , وانا ما بفسر وانت ما تقصر.

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى