السودان اليوم:
* لو صحتْ صورة الخطاب المتداولة على وسائط التواصل الاجتماعي المعنون الى رئيس سكرتارية لجنة الوساطة لمفاوضات السلام السودانية بتوقيع اللواء ركن دكتور (أبوبكر أبو دقن فقيري الجاك) رئيس سكرتارية وفد التفاوض الحكومي،ويتضمن مقترح الحكومة الانتقالية بمنح الجبهة الثورية مقعدين في المجلس السيادي واربعة وزراء اتحاديين وخمسين مقعدا في المجلس التشريعي وعضوية المفوضيات المستقلة والمشاركة في إدارة العاصمة القومية لدفع عملية التفاوض الى الامام، فإن مؤامرة الجنرالات تكون قد اكتملت بإحكام السيطرة على الفترة الانتقالية وإفراغها من أي مضمون، والدفع بحمدوك وحكومته الى الخلف أكثر فأكثر حتى لا يكون لها أي تأثير على مجريات الأمور، بينما يتحكم حميدتي والبرهان وشلة الجنرالات في كل شيء بمعاونة الحلفاء الجدد في السلطة وهم قادة الجبهة الثورية التي لا تستند على أي قواعد شعبية وليس لها وزن أو تأثير وانما تمثل بضعة اشخاص ساعين لتحقيق مصالح شخصية لاهثين وراء المناصب والمقاعد، وها هي تمُنح لهم الآن طواعية واختيارا باسم الحكومة التي غُيبّت عن المفاوضات حتى يعبث بها الجنرالات كما يريدون !
* تحدثتُ قبل يومين عن عبثية المفاوضات التي تدور في جوبا بين الجنرالات وما يسمى بالجبهة الثورية ويُطلق عليها عبثا اسم مفاوضات السلام، ولا أدري كيف تكون مفاوضات سلام بينما تغيب عنها اكبر حركتي معارضة مسلحة لهما قواعد شعبية واسعة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وتأييد داخليوخارجي واسع هما الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ قطاع الشمال برئاسة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان برئاسة عبد الواحد محمد نور، وكيف نخدع أنفسنا بتحقق السلام بينما لا يزال السلاح مرفوعا والحرب قائمة، أم أن حميدتي وشلة الجنرالات يعتقدون أنهم يخدعوننا أو يخدعون العالم بتوقيع اتفاقية ساذجة مع مجموعة من الانتهازيين يسعون لبعض المناصب يطلقون عليها اتفاقية سلام .. أم أن حميدتي يريد أن يوهم نفسه أنه البطل الذي أتى للسودان بسلام لا يوجد إلا في مخيلته ؟!
* من المزعج ان ينتقد رئيس الوزراء في حوار تلفزيوني قبل اسبوعين انحراف مفاوضات جوبا عن مسارها الطبيعي بالتفاوض مع أشخاص بدلا عن حركات النضال المسلح بدون أن يضع حدا لهذه المسرحية العبثية رغم أن هدفها الأساسي هو تحجيمه وتقليص دوره أكثر بمشاركة أشخاص في السلطة الانتقالية يدينون بالولاء لحميدتي وشلة الجنرالات الذين يسيطرون بالفعل على السلطة والقرار في البلاد، ويسعون للمزيد من خلال إشراك حلفائهم في مؤسسات السلطة الانتقالية التي لم تعد مؤسسات وإنما عرائس في يد حميدتى يحركها كما يشاء، ويفعل ما يحلو له، ولديه قوات عسكرية ضخمة تحت تصرفه لا تأتمر إلا بأمره، ويتقلد كل المناصب الكبيرة والمؤثرة في الدولة، ويعتبر حمدوك والحكومة مجرد (كاتب) له، كما جاء في التقرير الخطير الذى نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قبل أقل من أسبوعين في موقعه الإلكتروني، ورسم صورة قاتمة لمستقبل التغيير في السودان مع الأزمة الاقتصادية الخانقة وغياب الدعم المالي الدولي للحكومة وتحكم الجنرالات وعلى رأسهم حميدتى في كل شيء،وسيطرتهم على المال والشركات الضخمة في مقابل حكومة ضعيفة عاجزة عن فعل شيء، ورجَّح فشل عملية الانتقال الى الحكم الديمقراطي ما لم تتحسن الاوضاع الاقتصادية وتتحول موازين القوة لصالح المدنيين، وهو ما يسعى الجنرالات بمساعدة السعودية والأمارات لعرقلته بكل السبل المتاحة.. ولا شك ان من ضمنها المسرحية العبثية التي تدور الآن في جوبا بقيادة حميدتى لإشراك حلفائه في السلطة وإحكام قبضته، والتي بدأت في الامارات قبل عام وشهرين !
* لقد تأكد أن مفاوضات جوبا ليست إلا محاصصة وجلسة لتوزيع المنح والعطايا والمناصب والكراسي على حلفاء حميدتي لتقوية مركزه ولف الطوق حول عنق حمدوك والشعب الذي ينتظره بفارغ الصبر لإحداث التغيير المنشود .. وهذه هي المناظر فقط في انتظار الفيلم الذى يجري الاعداد له الآن في الرياض وأبوظبي وأوشك على الاكتمال !
The post في انتظار الفيلم !.. بقلم زهير السراج appeared first on السودان اليوم.