منذ أسابيع خلت وأضحت منصات التواصل الاجتماعي في السودان مسرحاً يشتعل بصخب الدعوة إلى تنظيم مليونية في الـ30 من يونيو الجاري ، وانقسم السودانيون فيما بينهم حول أهداف المليونية، فضلا عن وجود آخرون لا يرون أية ضرورة للمليونية من الأساس. ومن المعلوم أن الـ30 من يونيو يعني لقوى الثورة هو ذكرى السنة الأولى لأكبر انتفاضة جماهيرية يشهدها تاريخ السودان الحديث بعد مجزرة فض الاعتصام، وحسبما يرى الثوار بأن انتفاضة 30 يونيو من العام المنصرم كانت هي السبب المباشر الذي أرغم المجلس العسكري الانتقالي للعودة للمفاوضات مع قوى إعلان الحرية والتغيير بعدما أوشك المجلس العسكري على الانفراد بالسلطة وقام بإلغاء أية تفاهمات سابقة مع قوى الحرية والتغيير بعد فض الاعتصام من أمام القيادة العامة. وبعد مرور عام من ذلك الحراك الجماهيري المشهود، يرى كثير من جمهور الثورة بأن الذي تحقق من بعد الوثيقة الدستورية وتشكيل الحكومة الانتقالية لا يرتقي إلى تطلعات الثورة وأهدافها، ولهذا يرى الداعمون لمليونية 30 يونيو أهمية أن تصحح الثورة مسارها، فيما يتعلق بقضايا رئيسية ، أهمها العدالة الانتقالية وهيكلة القوى الأمنية والعسكرية والشرطية وحسم قرار تكوين المجلس التشريعي والولاة المدنيين .
دعم الثوار
كانت منظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر هي أول من دعا للخروج في 30 يونيو إحياءاً للذكرى وإيماناً بضرورة تصحيح مسار الثورة. ولقد ظل أسر الشهداء هم الفصيل الأكثر حضوراً منذ تشكيل الحكومة الانتقالية بدعوته لأن تتحقق العدالة الانتقالية ويحاسب كل المتورطين في قتل الشهداء ، وتنطلق رؤية منظمة أسر الشهداء من أن إرساء دعائم التحول الديمقراطي والحكم المدني لن يقوم إلا على إلتزام قوى الثورة بتأسيس مبدأ العدالة الانتقالية وسيادة حكم القانون، وفي ذلك يقول رئيس المنظمة عباس فرح في تصريحات سابقة لـ(الجريدة) بأن شهداء الثورة بذلوا أرواحهم رخيصة لذات الأهداف، وأنهم كانوا يحلمون بوطن تعلو فيه قيم الحرية والعدالة والسلام، وأن مجزرة فض الاعتصام تعتبر أكبر جريمة في حق الثوار الذين صنعوا التغيير وجعلوا الثورة واقعاً ممكناً. وفيما يتعلق بضرورة الخروج في يوم الـ30 من يونيو كان والد الشهيد “كشة” قد أكد بأن خروجهم يعني تمسكهم بالحكومة المدنية ودعمهم لها، وأنهم يدعونها لتصحيح مسارها نزولاً إلى رغبة الثوار في تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة رموز النظام البائد وكل المتورطين في قتل الشهداء، والعمل مع قوى الثورة في تحقيق شعارات الثورة . وعلى الفور ظهرت استجابة واسعة من قبل لجان المقاومة في الأحياء، وانتظمت الدعوة تغزو الأسافير بضرورة الخروج في المليونية استكمالاً لأهداف الثورة وإرغام الحكومة الانتقالية عبر شقها المدني في ضرورة الإمساك بالقرار السياسي فيما يتعلق بهيكلة المنظومة العسكرية والأمنية والشرطية، ومحاسبة رموز النظام البائد والقصاص لشهداء الثورة، واستكمال هياكل السلطة الانتقالية.
القوى السياسية
بادر الحزب الشيوعي السوداني – أحد مكونات تحالف الحرية والتغيير- بإعلان موقفه من المليونية عبر دعوته المؤيدة للحراك وتوجيهه لقواعده الجماهيرية بضرورة المشاركة في المليونية. وحصر الحزب الشيوعي أهداف المليونية في الدعوة لاستكمال هياكل السلطة الانتقالية، والمطالبة بالعدالة والقصاص لشهداء الثورة، ومحاسبة رموز النظام البائد على كل الجرائم التي تم إرتكابها منذ 1989، وضرورة إعادة هيكلة المنظومة العسكرية والشرطية بما فيها المطالبة بإقالة مدير عام الشرطة، وكذلك المطالبة بالإسراع في إكمال ترتيبات السلام الشامل. وكذلك انضم تجمع الاتحاديين لركب المؤيديين للخروج في المليونية، مطالباً بذات الأهداف التي تتسق مع رؤية لجان المقاومة ، مع الحرص على جعل المليونية سانحة لإعادة وحدة قوى الثورة وإعادة الإلتزام بإعلان قوى الحرية والتغيير. من جهته أعلن تجمع المهنيين السودانيين السكرتارية الجديدة تأييده للخروج في المليونية منسجماً مع ذات المطالب التي أعلنت عنها لجان المقاومة والمتضمنة أيضاً في بيان الحزب الشيوعي. بالمقابل تحفظ حزب الأمة القومي على الدعوة وأكد رفضه للخروج مبرراً ذلك بأن التظاهر في مثل هذه الأجواء يفتح ثغرات لقوى الردة لتخريب الفترة الانتقالية وتهديد السلامة بين المجتمع، كما أنه أكد انسجامه مع أهداف الخروج إذا اتخذت وسائل أخرى غير المواكب.
أنصار النظام المخلوع
من جهة أخرى، انتظمت كثير من الدعوات المنسوبة لأنصار النظام البائد تدعو إلى مليونية في ذات التاريخ تهدف إلى إسقاط الحكومة الانتقالية وتطالب القوات المسلحة بضرورة التدخل الحاسم وحل مجلسي السيادة والوزراء والإعلان عن انتخابات بعد عام . وجاءت تبريرات أصحاب هذه الأهداف مثلما رصدتها (الجريدة) من مواقع التواصل الاجتماعي، بأن تحالف الحرية والتغيير والذي يعتبر الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، قد فشل تماماً في إحداث التغيير الذي يرجوه المواطن السوداني، وأن وزراء الحكومة فشلوا تماماً في تحقيق الحد الأدنى من إدارة شؤون الدولة السودانية إدارة جيدة تتسق مع تطلعات السودانيين. واتخذ أنصار الدعوة الهادفة لإسقاط الحكومة الانتقالية عدة مبررات على شاكلة تفاقم الازمات الاقتصادية المتعلقة بقوت المواطنيين والخدمات الحياتية، وانهيار العملة الوطنية، وفوضى الأسواق والأسعار، فضلاً عن التعقيدات التي طرأت على قطاع الصحة، وكذلك ما أسموه حالة العبث التي تنتهجها الحكومة الانتقالية فيما يتعلق بالحريات واتخاذ القانون والعدالة لتصفية الحسابات والخصومة السياسية.
وجهة نظر أخرى
ليس كل المتفاعلين على منصات التواصل الاجتماعي، يؤيدون الخروج في المليونية تضامناً مع قوى الثورة أو أنصار النظام البائد، فقد ظهرت أصوات أخرى ترفض الخروج تحت مبررات أخرى تتوشح بـ”عقلانية” الخطاب السياسي. وهذه المجموعات تبرر عدم الانجراف وراء التظاهرات لحساسية الظرف الصحي بسبب جائحة كورونا، فضلاً عن أن تعقيدات المشهد السياسي قد تفتح الباب على مصراعيه أمام الانقسام الحاد أوساط المجتمع السوداني، وهو ذات الأمر الذي بدوره ربما يقود إلى العنف والعنف المضاد. ويرى كثيرون قامت (الجريدة) برصد تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، بأن المكون العسكري سيكون هو أول المستفيدين من خلق حالة أية فوضى تنتج عن انقسامات داخل صفوف المتظاهرين، وهو الأمر الذي ربما يقود إلى الانقلابات العسكرية التي تخشاها قوى الثورة نفسها. ورحبت جل هذه الأصوات بتغليب خيار الحلول المدنية السلمية المتمثلة في رفع توصيات متفق عليها للجهاز التنفيذي للحكومة الانتقالية.
||||||||||&&&||||||||||
كواليس
تأجيل توقيع السلام وظلال 30 يونيو
جاءت الأخبار من عاصمة دولة جنوب السودان بأن التوقيع المقرر له يوم 20 من الشهر الجاري، لن يتم في موعده بسبب تعقيدات برزت في كثير من القضايا العالقة والخاصة بملف الترتيبات الأمنية وكذلك ترتيبات إعادة صياغة هياكل السلطة الانتقالية. لكن مصادر في جوبا تحدثت لـ(الجريدة) عن بعض التعقيدات التي أفرزتها الدعوة لمليونية في الـ30 يونيو انضمت إليها بعض الكيانات السياسية والمهنية ، فضلاً عن تبني لجان المقاومة ومنظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر للحراك المعلن له في يوم 30 يونيو. وأكدت مصادر (الجريدة) بأن عضوية الوفد التفاوضي للجبهة الثورية بدأت تتحدث فيما بينها عن أن أهداف المليونية تتحدث بوضوح عن استكمال هياكل السلطة الانتقالية ، وبعضها يتحدث عن إيلاء الجهاز التنفيذي في مجلس الوزراء صلاحيات أكبر في الإشتراك في المفاوضات، ومما يعني بأن أطراف كثيرة في قوى الثورة لا زالت لا تضع الاعتبار اللازم لنتائج المفاوضات التي تجري الآن في جوبا، بل وتعمل جاهدة على تشكيل ضغط جماهيري على الحكومة الانتقالية بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين في محاولة استباقية لمآلات التفاوض، وهو ذات الأمر الذي يدفع حركات الكفاح المسلح لإرجاء النظر قليلا فيما تُسفر إليه مليونية 30 يونيو من نتائج على الأرض، بحسبان أن التنازع وحالة الانقسام التي يشهدها الشارع السوداني تترتب عليه كثير من الحسابات السياسية الخاصة بقوى الكفاح المسلح.
||||||||||&&&||||||||||
خبر الغد
انقسام داخل المؤتمر السوداني بسبب 30 يونيو
يشهد حزب المؤتمر السوداني حالة من الجدل السياسي الكثيف حول ضرورة تحديد موقف سياسي واضح من الدعوة لمليونية 30 يونيو، وتتوزع الآراء داخل المؤتمر السوداني بين ضرورة الانحياز للشارع والثوار، وبين الخروج برؤية ثالثة توافقية تجمع بين الرفض والقبول.
||||||||||&&&||||||||||
سؤال الملف
ترى هل يكون لنائب رئيس مجلس السيادة الفريق حميدتي موقفاً إيجابياً من الدعوة للتظاهر في يوم 30 يونيو؟؟
||||||||||&&&||||||||||
همس الكاميرا
شوط الإحماء للتظاهر يشتعل في مضامير الأحياء