غير مصنف --

80 مليون لاجيء ونازح حول العالم والضمير الانساني مشغول..بقلم د. أبوذر الغفاري بشير عبد الحبيب

السودان اليوم:

في تطور غير مسبوق في تاريخ البشرية الحديث أعلنت الامم المتحدة يوم الخميس 18/6/2020 أن أعداد اللاجئين والفارين إلى معسكرات النزوح القسري حول العالم، قد قاربت ثمانين مليون نسمة، مما يعني أن واحداً من بين كل مائة من سكان هذا الكوكب إما لاجئ أو نازح. وهذا الرقم هو الأكبر منذ أن تم تأسيس الأمم المتحدة في العام 1945. كما أن أعداد اللاجئين قد تضاعفت خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث لم تزد عن أربعين مليوناً حتى نهاية العشرية الأولى من هذه الألفية الجديدة.
وبطبيعة الحال فإن الغلبة الكاسحة من اللاجئين والنازحين هم ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة، الذين لم يجدوا بداً من الهرب من أوطانهم ومحاولة طلب الأمان في بلاد أخرى يحلمون فيها بتفادي العنف المسلح والاضطهاد السياسي وانتهاكات حقوق الأنسان.
ويؤكد هذا الوضع فشل النظام العالمي الذي وضعته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية في الحفاظ على السلام العالمي بمعناه الواسع، وعدم قدرته على تجنيب الكوكب مآسي الحروب وظلاماتها، وفشله في الاحتفاظ بالكرامة الانسانية للبشر. فالأمم المتحدة كمنظومة لحفظ السلم والأمن الدوليين وآلية لإنهاء الأزمات المسلحة لا تزال بعيدة عن أنجاز أهدافها الكبري على النحو الذي يجعل كوكب الأرض آمناً ويجعل شعوبه مستقرة. صحيح أنها حققت بعض الأمان وساهمت في حقن كثير من الدماء إلى حد كبير، فسجل الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة حافل بالانجازات، كما طورت من مفهوم السلم والأمن الدوليين بإدخال معاني جديدة تتعلق بالبيئة والصحة والغذاء والتعليم، لكن بقياس ما هو مطلوب منها مقارنة مع ما تحقق على الأرض، فإن الفشل يبدو كبيراً. فلا تزال مشكلات الصراع المسلح الكبرى قائمة بما فيها الصراع على أراضي فلسطين وكشمير وقبرص، إضافة إلى النزاعات الداخلية في المنطقة العربية وأفريقيا وآسيا.
أكبر مظاهر فشل الأمم المتحدة هو عدم قدرتها على كبح سباقات التسلح على المستوى الدولي، وعدم إيقاف الاستثمار في مجال صناعة الحرب. وبنظرة سريعة على ميزانيات الدول الكبرى يتضح أن أرقاماً فوق مستوى تصور الشخص العادي تم إنفاقها في المجال العسكري، حيث تأتي على قائمة الدول الأربعة الأكثر اهتماماً بالتسلح العسكري الولايات المتحدة الأمريكية والتي أنفقت في العام 2019 ما مقداره 649 مليار دولار إنفاقاً حقيقياً في المجال الحربي، تليها الصين الشعبية بإنفاق مقداره 261 مليار دولار، ثم الهند التي أنفقت 71.1 مليار دولار، ثم روسيا التي أنفقت 65.1 مليار دولار. وهذه المبالغ المذهلة لم تصنع سلاماً لهذه الدول ولم تحقق طمـنينة للجنس البشري على ظهره. وبالنظر للمشكلات الأخرى التي تواجه البشرية فإن معشار ما أنفق على صناعة الحرب قادر أن يحيل الكوكب الأرضي إلى جنة لو أنفق في مجال السلام.
إضافة إلى الصراعات المسلحة فإن الكوارث الطبيعية التي لازمت الكوكب منذ بداية الألفية بما فيها الجفاق والفيضانات والزلازل والبراكين أدت إلى إجبار الملايين إلى النزوح عن أوطانهم والبحث عن ملاجئ بعيدة عن أمكان الأزمات سواء داخل أقطارهم أو في أقطار أخرى. ورغم وجاهة الأسباب التي تدعو إلى النزوح بسبب الكوارث الطبيعية بما فيها التغيرات المناخية إلا أن النظام الدولي لا يزال بعيداً عن الاعتراف لهذه الفئة بحقوق اللاجئين. وقد أقر الميثاق العالمي للاجئين الذي تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة في العام 2018 بأن العوامل المناخية تؤدي إلى ازدياد حالات اللجوء إلا أنه لا توجد آلية واضحة يعامل على أساسها الذين ينتمون لهذه الفئة باعتبارهم لاجئين.
قيض الله جائحة مثل كرورنا لتردنا للنظر من جديد إلى المشكلات التي تواجه كل دولة ليس باعتبارها مشكلات داخلية فقط وإنما مشكلات تهم كل المجتمع الدولي، فالتواصل الذي ربط بين أجزاء الكوكب، والوحدة المكانية الظاهرة بين أطرافه ، جعلته مترابطاً ومن الضروري التعامل معه باعتباره جسد واحد إذا أصاب منه عضواً مرض، تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى.

The post 80 مليون لاجيء ونازح حول العالم والضمير الانساني مشغول..بقلم د. أبوذر الغفاري بشير عبد الحبيب appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى