الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
بقلم د. حسين اسماعيل امين نابري
(ما عاد يكفي أن نثور .. يجب أولاً أن نخلق الإنسان الذي يحمي الثورة). أحلام مستغانمي، كاتبة وروائية جزائرية
مقدمة:
ان موافقة منظمة الامم المتحدة علي طلب السلطة الانتقالية بتكوين بعثة سياسية اممية للسودان بمقتضي البند السادس تعتبر خطوة تاريخية مهمة في اتجاه الاستقرار والسلام والتنمية في بلادنا.
وساتناول ايجابيات وفوائد هذه البعثة في ورقة منفصلة اخري.
اما اليوم فقد رايت ان اوضح في هذا المقال المختصر دعمي وتاييدي الكامل لمقترح ترشيح الدبلوماسي والسفير الفرنسي جان كريستوف بيارد رئيسا لهذه البعثة الاممية، مشيدا بقدراته الفذة وخبراته المتنوعة ومهنيته العالية. فقد اتيحت لي فرصة التعرف عليه عن كثب خلال اعوام طويلة مضت، وبصورة خاصة في فترة نضالنا المستعر لكشف وتعرية سلطة الظلم والفساد والاستبداد في بلادنا، وسعينا الدؤوب للحصول علي مواقف مؤيدة للثورة السودانية من حكومة فرنسا والحكومات الاوروبية المضيفة لنا في غربتنا التي اجبرنا عليها فترة طويلة من الزمن.
اطلعت مثل غيري علي انباء متواترة من الاسافير ووكالات الانباء تشير الي احتمال ان ينتدب السيد جان كريستوف بيارد لرئاسة البعثة الاممية السياسية لدي السودان، وهو يتقلد اليوم منصب نائب رئيس قسم العلاقات الخارجية في مفوضية الاتحاد الاوروبي بعد فترة قضاها رئيسا لادارة افريقيا والمحيط الهندي في وزارة الخارجية الفرنسية.
وكمساهمة مني للتعريف بهذا الخبير الدولي النادر اقول قبل كل شيء ان معرفته وشغفه وتقديره لبلادنا ليس وليد البارحة او نبع من صدفة، فقد عمل في الثمانينات دبلوماسيا في السفارة الفرنسية في الخرطوم، وتزوج بسودانية ذات ثقافة واسعة وخلق كريم واهتمامات عديدة، فوق انتماءها لاسرة عميدها ووالدها احد خبراء القانون في بلادنا مولانا عمر النور. واذكر ان المرحوم استاذ علي محمود حسنين كان يقول لي انه يعتبر سهي – وهذا اسمها – وكانها ابنته فوالدها زميله في المهنة عملا سويا فترة من الزمن وصديق حميم له.
بعد ذلك واصل السيد بيارد مهنته ممثلا لبلاده في عدد من البلدان،كان ابرزها عمله سفيرا فوق العادة لفرنسا في اثيوبيا علي مدي طويل نسبيا.
لقد امتدت علاقتي الشخصية بالسيد جان كرستوف بيارد عبر لقاءات عديدة كان اهمها في العام ٢٠١٣، حينها تشرفت بزيارته في منزله في باريس بدعوة كريمة منه، وبضعة لقاءات في مكتبه بوزارة الخارجية الفرنسية في العاصمة الفرنسية باريس، عندما كان رئيسا لادارة افريقيا والمحيط الهندي. وكان ذلك في اطار نشاطي المعارض لسلطة المتاسلمين في السودان وكرئيس للتجمع السوداني في فرنسا وكرئيس للجمعية السودانية لحقوق الانسان التي اسسناها في فرنسا منذ وقت مبكر في فترة نضالنا ضد سلطة المتاسلمين وذلك في العام ١٩٩٥.
لابد لي هنا من التذكير بمزايا وخصائص هذا الخبير والدبلوماس الفرنسي وفي مقدمتها معرفته الواسعة وادراكه المتعمق للسودان واوضاعه وتاريخه السياسي. ومع ذلك فهو كثير الاطلاع قليل الكلام لايجرؤ علي التحدث الا وهو متيقن مما يقول، كما عرف عنه شغفه بالعمل وقدراته الادارية والتنظيمية العالية.
لقد كنت اجد عند السيد جان كريستوف بليارد دوما اذنا صاغية لما كنا نطرحه ونقدمه له داعين حكومة فرنسا التدخل لتخفيف حدة الماساة الانسانية الكبري التي تعيشها بلادنا، وادانة الانتهاكات الفاضحة وفساد النظام المريع، ومطالبتها باتخاذ مواقف مبدئية واضحة ضد سلطة الظلم والفساد والاستبداد.
وهو امر اعتقد – بلا ادعاء او مفاخرة – اننا كنشطاء في الخارج نجحنا فيه الي حد كبير بمبادراتنا المتعددة وبجهودنا الذاتية المتنوعة المتواضعة، وفي ظروف لم تكن ابدا مواتية.
لقد تمكنا بل تشرفنا بتزويد الحكومة الفرنسية والحكومات الاوروبية بكل المعلومات والتقارير التي توضح الطبيعة الفاشية لنظام البشير، وحث السلطات الفرنسية والاوربية مثلما كنا نفعل مع المنظمات الانسانية ومنظمات حقوق الانسان للتدخل لايقاف الانتهاكات الجسيمة المستمرة لحقوق الانسان والحريات الاساسية، والمطالبة باطلاق سراح السجناء السياسيين وسجناء الضمير، وايقاف حرب الابادة والقتل خارج نطاق القضاء، والاعتداءات الجسيمة علي شعوب السودان في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وشرق البلاد.
وكان نشاطنا هذا بالطبع مصحوبا بعقد الندوات والسمنارات وبتسيير المظاهرات والمواكب ليس فقط في باريس لكن في مختلف المدن الفرنسية والاوروبية. كل هذا العمل موثق، ومثبت علي صفحاتنا ومواقعنا في الاسافير.
لم يكن من السهل مقابلة مسئول فرنسي علي اعلي المستويات مثل جان كريستوف بيارد لو لم يكن هو نفسه يتمتع باهتمام كبير بقضية بلدنا السودان. وكان من الممكن ان تتوقف مقابلاتنا عند مدير مكتب السودان في وزارة الخارجية الفرنسية كما هو الحال بالنسبة لقوي المعارضة المقيمة في فرنسا لانظمة القمع في مختلف بلدان العالم.
لقد حظيت بمقابلات معه مباشرة في مكتبه، وكان دائما يستقبلني برحابة صدر وبرغبة صادقة في التعرف علي مجريات الامور في بلادنا. واحيانا تكون مقابلاتنا معه في مكتبه بمشاركة مساعديه ومن بينهم حينها السيد اوليفيه رتشارد Olivier Richard والسيد كانتا تيسيير Quentin Teissier والسيد امريك لورثيو Aymeric Larthiois المسئولين عن دسك السودان في وزارة الخارجية الفرنسية (معنا في الصور المرفقة).
لقد سعدت في سبتمبر من عام 2013 بقبول السيد جان كريستوف بيارد لمااقترحته عليه باستقبال شيخ المناضلين المرحوم الاستاذ علي محمود حسنين في اطار زيارة قمت بتنظيمها له لفرنسا بصحبة وفد من قيادة الجبهة الوطنية العريضة.
اخطرني حينها استاذ علي بانه لايملك تاشيرة دخول الي فرنسا وان تاشيرته لبريطانيا اقتربت من نهايتها فطلبت من السيد بيارد فما كان من الا ان اتصل بسفير فرنسا في بريطانيا وتم منح استاذ علي محمود حسنين تاشيرة دخول فرنسا من بريطانيا بجواز سفره السوداني. فالاستاذ كان دوما رافضا الحصول علي اية جنسية اجنبية.
لقد تشرفت بزيارة السيد جان كريستوف بيارد في منزله حيث اكرمني هو وزوجته الاستاذة سهي عمر النور ابنة المحامي مولانا عمر النور من القضارف. وكل من يزوره يلاحظ الاثاث الافريقي المتنوع في بيته وخاصة المنتجات الحرفية الجميلة من اثيوبيا.
اهتمامه كبير باللغات فهو خريج المدرسة العليا للغات الشرقية ورغبة منه في تنوع ثقافات ابناءه اوفد ابنه لدراسة الهندسة في احدي الجامعات البريطانية.
وقد اسعدني قبول الاستاذة سهي دعوتي لحضور مؤتمر الجبهة الوطنية العريضة في القاهرة وهو المؤتمر الذي تم فيه انتخابي بالاجماع امينا عاما للجبهة الوطنية العريضة. (للمعلومية استقلت من مهمتي هذه بعد ذلك بحوالي عامين).
إنني اعتقد ان انتداب جان كريستوف بيارد لرئاسة البعثة الاممية في بلادنا سيكون عنصرا مهما بل حاسما في نجاح البعثة برمتها، وفي انجاز مهامها علي احسن وجه نظرا لتجربته المهنية الغنية في الدبلوماسية العالمية وبخاصة تمثيله لبلاده في افريقيا ولثقافته ومعرفته العميقة بقضايا ومشاكل بلادنا والبلدان النامية، وايمانه الذي لايتزعزع بحقوق الشعوب في التحرر والانعتاق والتطور.
ارجو من الراغبين في المزيد من التعرف عليه القاء نظرة علي سيرته الذاتية ليتبين لكم حقيقة ما اشرت اليه في هذه العجالة.
ونحن من جانبنا سنظل كنشطاء محبين لبلادهم نواصل مسيرتنا في فرنسا واوربا وكافة بلدان العالم دعمًا لثورتنا ولحقوق شعبنا في الحياة الحرة الكريمة.
د. حسين اسماعيل امين نابري
رئيس التجمع السوداني في فرنسا
ورئيس التجمع العالمي لنشطاء السودان بمواقع التواصل الاجتماعي ” رياس”
باريس في 17 يونيو عشرين عشرين
The post إختيار جان كريستوف بيار رئيسا للبعثة السياسية الاممية في السودان appeared first on الانتباهة أون لاين.