خاص السودان اليوم:
اشتهر عن نائب رئيس مجلس السيادة الفريق حميدتي اطلاقه عبارات تصبح على لسان الناس لفترة طويلة (ومنها على سبيل المثال قوله : بالقانون ، وقوله : وحدث ما حدث ، وإن كان البعض يصر على كتابتها بصورة خاطئة املائيا تندرا فى الرجل وسخرية منه وهو امر لايليق بشخص يحترم نفسه وقراءه) ، ومن هذه الاقوال التى ستسود فترة طويلة عبارة الفريق حميدتى متحدثا عن معركتهم مع الدولار اذ قال :
نريد ان نتصارع مع الدولار اما رمانا واما رميناه . ونتساءل هنا من الذى سيرمى صاحبه؟
المعروف ان هناك تشوهات كبيرة يعانى منها الاقتصاد السودانى واحد ابرز معالم هذه التشوهات الانهيار الكبير والمتواصل لقيمة العملة الوطنية أمام الدولار والتى وصلت الى مستوى من الانخفاض غير مسبوق وهناك توقعات عند الكثيرين بان يواصل الجنيه انهياره أمام الدولار ، وهذا مايخيف الناس من سير البلد نحو المجهول ومزيد المعاناة التى سيكابدها الناس.
هذا الارتفاع الكبير لاسعار الدولار فى الاسبوع الماضى وبوتيرة متسارعة دفعت الفريق حميدتى يخرج عن صمته ويقول كلاما جعل الكثيرين يستغربون من طريقة هذا التفكير . الفريق حميدتى قال (عقب اجتماع اللجنة العليا الاقتصادية ) : ان مهمة اللجنة خفض الدولار مؤكدا ان زيادة المرتبات امام ارتفاع الدولار ما عندها قيمة .
واضاف : اي زول عارف ليهو زول داسي دولار يبلغ عنه واننا نريد ان نتصارع مع الدولار اما رمانا واما رميناه ، وقال اقسم بالله ما نخلي زول يتاجر تاني بالدولار مهما كان موقعه او مكانته
أول ملاحظة على هذا الكلام انه يعتمد نفس اسلوب النظام البائد الذى كان يلجأ للتهديد والوعيد كل ما اشتدت الازمة فتتم مطاردة تجار العملة والقاء القبض على بعضهم ، وفى كل مرة كانت هذه الاجراءات تنجح مؤقتا فى خفض قيمة الدولار لايام محدودة ليعود ويرتفع بشكل اكبر من المستوى الذى كان عليه ، وهذه المرة ليس هناك ما يجعلنا نثق بان الوضع مختلف.
الأمر الثانى الذى يلزم ان يعلمه الفريق حميدتى وغيره ان المعضلة الاساسية تكمن فى اختلال الميزان التجارى والبون الشاسع بين الصادرات والواردات ودائما هناك عجز كبير ، وما لم يتم اصلاح الخلل وزيادة حجم صادراتتا حتى يكون العائد منها اكبر من حوجة الواردات أو على الاقل يكون المستوى متعادلا ، ما لم يحدث ذلك فلن يكون هناك تحسن فى قيمة العملة باى حال من الأحوال.
ونعلم – بما فينا الفريق حميدتى – ان بلادنا تحظى بموارد كبيرة وضخمة متنوعة يمكن ان تم توظيفها جيدا وبشكل مسؤول ان تجعلنا فى مصاف الكبار ، ولن نكون فى قائمة من ينتظرون المساعدة وانما سوف يكون لنا فائض يمكن ان نساعد به الاخرين ، وحتما لن يكون ذلك بالاجراءات التى هدد حميدتى باللجوء اليها ، ونتمنى ان ينتبه سيادة الفريق لذلك ولايمضى فى سياسة لاتفيد شيئا بل يمكن ان تزيد من تعقيد الازمة ، ونتساءل مع الكثيرين – فى هذه المعركة (التى ينوى حميدتى ان يخوضها مع الدولار) من ياترى يصرع الاخر ؟
The post ايهما يصرع الاخر .. حميدتي أم الدولار؟ appeared first on السودان اليوم.