عدد إصابات كورونا تخطى حاجز الـ170 ألفاً في القارة السمراء المرشحة كبؤرة جديدة للمرض.. شبح أزمة غذائية في الأفق وتوقعات بدخول 27 مليوناً دائرة الفقر المدقع جراء الجائحة
بعد انتقال جائحة كرونا من الصين الى أروبا تحولت البؤرة حالياً الى قارتى أمريكا الشمالية والجنوبية حيث تتصدر الولايات المتحدة والبرازيل المشهد حول العالم من حيث عدد الإصابات والوفيات، ولكن الكثير من التقارير الصحية تنذر القارة الأفريقية بأنها ستكون البؤرة التالية للمرض؛ وعندها – فى حال لا قدر الله تفشى انتشار المرض بالقارة الأفريقية على غرار أوربا وأمريكا – فإن العالم بحاجة الى مصطلح آخر ، غير جائحة ، لتوصيف الحالة؛ فالقارة الأفريقية التى تعاني هشاشة عظام فى كل قطاعات الخدمات تعاني من نقص حاد فى الإمكانيات الصحية وانهيار كامل للنظم الصحية؛ الى جانب وضع اقتصادي مأزوم، وتضاعفت الضربات على الاقتصاد الأفريقي خلال الأشهر الماضية بسبب تداعيات انتشار الوباء حول العالم، وانشغال الدول الغربية التى كانت توفر الإعانات الإنسانية والتنموية لعدد من الدول الأفريقية بهمومها الداخلية جراء كرونا.
إذن كوفيد 19 او كرونا المستجد قد ضرب القارة الأفريقية، وتشير آخر إحصائيات الإصابة بفيروس كرونا فى القارة الأفريقية الى ارتفاع فى معدل عدد المصابين في عموم القارة السمراء الذى تجاوز 171 ألف حالة، وتأتي جنوب أفريقيا في مقدمة دول القارة بعدد الإصابات، تتبعها على التوالي مصر، ونيجيريا، والجزائر، وغانا، والمغرب، والكاميرون، والسودان.في حين تتصدر مصر الدول الأفريقية بعدد الوفيات، تليها جنوب أفريقيا والجزائر ونيجيريا والسودان، والمغرب، والكاميرون، فى وقت خلت إريتريا،
وموريشيوس من أية حالات إصابات نشطة، بعد شفاء جميع المصابين.كما لم تسجل أي حالات وفاة بالفيروس في إريتريا وموريشيوس ويوغندا وناميبيا وليسوتوو، ومع انتشار كرونا المستجد لا تزال القارة الأفريقية تعاني من القديم وهو داء الفقر، فالتقديرات تشير الى أن الوباء سيخلف 27 مليوناً تحت وطأة الفقر المدقع فى افريقيا.
وبما أن العالم لم يصل بعد الى لقاح أو علاج لهذا الوباء باستثناء الالتزام بإجراءات الحجر الصحي؛ ولكن حتى هذا الإجراء بالنسبة لأفريقيا نوع من الترف، و قالت الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة، فيرا سونجوي، إن التكلفة الشهرية للحجر الصحي في أفريقيا تصل إلى 69 مليار دولار.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن المسؤولة الأممية قولها – خلال ندوة افتراضية نظمتها المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمدينة مراكش والمركز الإفريقي للحلول المبتكرة المستدامة التابع لجامعة القاضي عياض بنفس المدينة ، حول موضوع “إعادة التفكير في الاقتصاد والتعليم في إفريقيا بعد كوفيد-19″،- أن “الأزمة الصحية الراهنة فاقمت من تباطؤ الاقتصاد في أفريقيا، رغم أن القارة لم تتضرر بشكل كلي من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة”. وأضافت في هذا السياق أن أفريقيا تتجه نحو الخروج من الأزمة، موضحة أن القطاعات الأكثر تضرراً في القارة هي السياحة والخدمات والصادرات في مجال الموارد الأولية التي تراجعت أسعارها بشكل ملحوظ. إلى ذلك أكدت المسؤولة الأممية أن الأزمة الصحية تضع الأنظمة الصحية للبلدان الأفريقية على المحك، مشددة على ضرورة جعل الابتكار والبحث العلمي رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتابعت سنجوي: أن “التنمية السوسيو-اقتصادية تمر حتماً عبر تقوية المبادلات بين البلدان الأفريقية”، معتبرة أنه بفضل منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية، سيكون بمقدور الأفارقة بناء قارة أفريقية مزدهرة وصامدة.
يذكر أن التنمية السوسيو اقتصادية هي برامج تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، أولاً وقبل كل شيء حتى ضمان الرفاهية في المجتمع الموجه اليه، وكذا أعضائه، وذلك في محيط يساعد على تحقيق هذه الرفاهية ويدعمها. وخلصت إلى القول: إن معدل النمو سينتقل في أفريقيا من 3,2 إلى حوالي 1,1 %، الأمر الذي سيتسبب في ارتفاع عدد الفقراء على صعيد القارة بنسبة 40 %.
وحذرت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، من أزمة غذائية شديدة الوطأة على القارة الأفريقية بسبب كورونا. وأكدت الدراسة – المنشورة على موقع المركز – أن الأزمة الغذائية العالمية المحتملة ستكون تداعياتها أشد وطأة على دول القارة الأفريقية التي ستعاني من تراجع القدرات الاقتصادية وتنفيذ المشروعات التنموية في مجالات الأمن الغذائي وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية
لمستحقيها بعد جائحة كورنا في ظل تجذر الصراعات القبلية والمناطقية، وتداخلها مع نشاط التنظيمات الإرهابية والمتطرفة. وأشارت الدراسة إلى أن هذا الأمر جعل رئيس صندوق النقد الدولي يُقر بأن أفريقيا لا تزال تحتاج إلى 44 مليار دولار لمكافحة تفشي أزمة كورونا، بما يعني ضرورة تطبيق استراتيجية إسكات البنادق التي تبناها الاتحاد الأفريقي ضمن رؤية أفريقيا 2063، حتى تتمكن دول القارة من مواجهة تحديات ما بعد كورونا، ومنها إعطاء أولوية لتحقيق الأمن الصحي، وتنفيذ مبادرات تحقيق الأمن الغذائي كركائز داعمة للأمن القومي الأفريقي.
الخرطوم : محمود الدنعو
صحيفة ( اليوم التالي)