غير مصنف --

ان فاتك الميري.. بقلم ناهد قرناص

السودان اليوم:
الحمدلله الذي جعلني اعيش حتى ارى عودة الألق والبهاء للميري ..الحمدلله كثيرا الذي احياني حتى رأيت دموع الفرح في اعين الاساتذة وموظفي الدولة الغلابة ..الحمدلله الذي اسمعنا صوت تلك المعلمة الصابرة التي لم تجد ما تعبر به عن فرحتها افضل من زغردوة في وجه الصراف ..زغردوة حملت معها سعادة الذي صام طويلا وأفطر على مائدة من الرحمن ..الحمدلله كثيرا ..
قيل قديما (ان فاتك الميري ..اتمرغ في ترابو) ..مقولة كنا نظن ان (زمنها فات وغنايها مات ) ..ذلك الزمن الذي كان يمجد الوظيفة الحكومية ..ويدعو الذي فاته قطار التوظيف الحكومي ..الى ان يجد له اي عمل له علاقة بالحكومة ..كأن تفتح لك مطعم في مؤسسة حكومية ..او محل عصير ..اي شئ يجعل نسائم الحكومة تهب عليك ولو من خلال منسوبيها..كان ذلك في زمان مضى ..كانت فيه للموظف الحكومي (شنة ورنة )..غنت الفتيات لذلك الموظف الذي يتنقل عبر الولايات فكانت (يا رب يعود حسني ..الناقلنو لي مدني) .. ….كان عهدا ذهبيا تبختر فيه طبيب الامتياز (الفي العصر مرورو) .. وتألق فيه الاستاذ الانيق وكان سدرة منتهى احلام العذارى (شرطا يكون لبيس من هيئة التدريس).
لكن لان دوام الحال من المحال ..دارت الدنيا وانقلبت الاحوال ..وصارت الوظيفة الحكومية عبارة عن محطة صغيرة في بداية الحياة العملية للشباب خاصة الذكور منهم .. يكتسبون فيها خبرة وتدريب وعينهم على أقرب وظيفة في الخاص ..او شارع المطار في طريقهم للاغتراب .. خلال عملي كرئيس لقسم الكيمياء في المعمل المركزي ..فقدت سبعة من خيرة التقنيين الكيميائيين بعد ان تخطفتهم شركات التنقيب عن الذهب ..اذكر انني قلت لأحدهم وقد جاء يتقدم بطلب اجازة بدون راتب (كل ما نربي كتكوت ..يكبر يفوت) ..ضحك وقال لي (ما باليد حيلة ..بالذات نحن الشباب ..المسؤولية كبيرة علينا ..الواحد عايز يدعم اهلو ..وبعدين يتزوج ويعمل اسرة ..مرتب الحكومة دا مصاريفى انا ما قادر يكفيها ..) ..كلماته كانت موجعة بقدر صدقها وواقعيتها.
حسابات البنوك لموظفي الحكومة ..اهتزت وربت ..والامور عادت الى نصابها الطبيعي ..وقد كنا نحن من دون كل دول العالم ..البلد الوحيد الذي يتفوق فيه القطاع الخاص على الحكومة ..كل الدنيا يتمنى الناس العمل الحكومي ..الا في السودان ..يفرون من الميري كما يفرون من الاجرب ..لكن ذلك العهد انتهى ..ولى الى غير رجعة ..عادت الهيبة والألق للوظيفة الحكومية ..صارت جاذبة بعد ان ارتفعت الاجور والمرتبات وتبعا لها الحوافز والبدلات ..وزغردي يا انشراح ..الفلس ولى زمانه وراح ..وعليه اهيب انا الموقعة ادناه ..كل الذين لديهم ديون علي شخصي الضعيف ..والاتصال بي في مدة اقصاها ثمان واربعين ساعة على ان يحضر الدائن معه المستند الخاص بتفاصيل الدين ..والا يعتبر دين هالك والعفو العافية ؟؟ نبدا صفحة جديدة في دفتر الجرورة ..ولا نسيت ..تاني ان شاء الله مافي ديون ..ونحن فوق عزنا وقبايل ما بتهزنا ..اما انت يا سعادة وزير المالية ..دعوات الصابرين تصلك ..ان شاء الله ..تتعلا ..ما تدلا ..تتبارك ما تتشارك ..بركة الجمعة الجامعة والدعوة السامعة ..

The post ان فاتك الميري.. بقلم ناهد قرناص appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى