غير مصنف --

طاقية المرتبات في رأس الغول.. بقلم حيدر المكاشفي

السودان اليوم:
رغم أنني كنت من المتشككين في مقدرة وزير المالية على الوفاء بوعده المهول بزيادة مرتبات العاملين بالقطاع الحكومي بنسبة خرافية قاربت الستمائة في المائة، ورغم أنني ماتزال تراودني بعض الشكوك في مقدرته على الاستمرار في دفع المرتبات الجديدة شهرا بشهر، الا أنه يلزمني تهنئته على الوفاء بوعده وتمكنه من صرف راتب مايو بالفئات الجديدة، وسننتظر لنرى ماذا هو فاعل فى الأشهر القادمة بدءا من يونيو المقبل فصاعدا، خاصة وأن الوزير لم يفصح حتى الآن عن موارد تغطية هذه المرتبات الكبيرة فى ظل الازمة المالية والاقتصادية المعاشة والمعشعشة، وعلى كل حال فقد سعدت والله سعادة كبيرة رغم أنني خارج هذه (المرحمة) لسعادة كل العاملين الحكوميين وعلى رأسهم فئة المعلمين المظلومين الذين كان المخلوع كثيرا ما يمنيهم الأماني الخلب بجعل راتبهم أكبر راتب فى الدولة، بينما كان هو وتماسيحه العشارية فى حقيقة الأمر يرتعون فى الموارد البترولية قبل الانفصال ويبلعونها (جب وجب وداخل الجيوب)..
ولكن نخشى على هذه الزيادات المعتبرة من أن يمحقها السوق ويتلمظها بتلذذ جنيها اثر جنيه فتروح شمار في مرقة وكأنها لم تكن، فمثل هذه النتيجة كانت تتكرر سابقا مع أي زيادة تدخل على المرتبات، والخشية الان من تكرر نتائج الزيادات السابقة، ان الزيادة الحالية تم صرفها دون أن تسبقها أو حتى ترافقها أية ترتيبات واجراءات لتنظيم وضبط الأسواق ومراقبة الأسعار ولجم التفلتات وضرب الممارسات الاحتكارية والكارتيلات وجماعة (اشتري وخزن) واشتري وهرب، فالثابت بالتجربة أنه كلما زيدت المرتبات، قابلتها زيادة في الأسعار بلا أي مبرر، كما ان تطبيق الزيادة قد تم دون مؤشرات ملموسة للدعم الاجتماعي النقدي المعلن في ظل مؤشرات واضحة وصريحة لمضي الحكومة حثيثا باتجاه رفع الدعم، وهذا ما يرجح أن السبب الاساسي لهذه الزيادة المعتبرة للمرتبات الحكومية هو أنها (قولة خير) ومقدمة لرفع الدعم عن بعض السلع، على طريقة السماسرة المعروفة (طاقية دا فى راس دا) بمعنى طاقية الزيادة في رأس هيكلة الدعم الذي تمضي في تطبيقه الان وزارة المالية، وهنا أيضاً علمتنا التجربة أن السلعة التي ينخفض سعرها عالمياً لا ينخفض عندنا هذا اذا لم يزد سعرها في أحسن الأحوال، كما نخشى كذلك أن تؤدي خطوة الزيادة مع الهيكلة الى نقيض ما يؤمل فيها فتتضاعف المعاناة ويرتفع سقف الغلاء أكثر مما هو مرتفع الآن، وما لم تتخذ الإجراءات والتدابير التي أشرنا اليها في مستهل كلمتنا هذه ستصدق على هذه الزيادة فى المرتبات أرجوزة فرقة الهيلاهوب الساخرة التي يقول مطلعها:
طاقية دا في راس دا
أنا الشغال بس كدا دا
خشيت السوق قبال شهور
وبقيت بالدين تاجر مشهور
بكتب شيكات لى كل زول
عدمت الناس حق الفطور..

The post طاقية المرتبات في رأس الغول.. بقلم حيدر المكاشفي appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى